الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ ٱلَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلَّذِينَ مَعَكَ وَٱللَّهُ يُقَدِّرُ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَٱقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُمْ مَّرْضَىٰ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي ٱلأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَٱقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَٰوةَ وَأَقْرِضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَٱسْتَغْفِرُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

وبعدما أمر سبحانه حبيبه صلى الله عليه وسلم بقيام الليل على الوجه المذكور، وحثه عليه، ورغبه على وجه المبالغة والتأكيد بأن علله بعلمه سبحانه إياه على أيّ وجه، فقال: { إِنَّ رَبَّكَ } يا أكمل الرسل { يَعْلَمُ } بعلمه الحضوري { أَنَّكَ تَقُومُ } إلى التهجد { أَدْنَىٰ } وأقل { مِن ثُلُثَيِ ٱلَّيْلِ } وأعلى، وأكثر من نصفه تارة { وَ } تارة أخرى أدنى من { نِصْفَهُ } السياق يدل على أن التفسير جرى على قراءة ابن عامر ونافع وغيرهما: { وَنِصْفَهُ } تارة أدنى من { ثُلُثَهُ } السياق يدل على أن التفسير جرى على قراءة ابن عامر ونافع وغيرهما: { ثُلُثَهُ } وأكثر من ربعه، وهذا أدنى تاراتك، وأعلاها: ما هو أدنى من ثلثي الليل؛ إذ هي أقرب إلى قيام الكل الذي فرض أولاً، ثمَّ الثانية، ثمَّ الثالثة.

{ وَطَآئِفَةٌ } أي: ويعلم سبحانه أيضاً قيام طائفة { مِّنَ } المؤمنين { ٱلَّذِينَ } يقومون { مَعَكَ } ويوافقون لك في تهجدك وقيامك؛ يعين: علمه سبحانه محيط بهذه الأوقات الثلاثة الواقعة منك ومنهم، بخلاف علمك فإنه؛ أي: علمك لا يقدر بتعيينها على وجهها { وَ } بالجملة: { ٱللَّهُ } العليم الحكيم الذي { يُقَدِّرُ } بمقتضى علمه وإرادته { ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ } على سبيل التجدد والتتابع، والاختلاف طولاً وقصراً، وإيلاج بعض أجزاء كل منهما على الآخر، وإخراجهما منه، وضبط أجزائهما وساعاتهما وآنائمها، إنما هي بعلمه لا بعلم غيره من مظاهره ومصنوعاته، وهو سبحانه { عَلِمَ } منك { أَن } أي: إنه { لَّن تُحْصُوهُ } أي: ليس ي وسعكم وطاقتكم تقدير الأوقات، وضبط الأحيان والساعات، وإحصاء الآناء الواقعة في الليل والنهار، وقيامكم في كلها أو بعضها على وجه التعيين والتخصيص.

وبعدما ظهر عنده سبحانه عدم طاقتكم ووسعكم { فَتَابَ } أي: عاد { عَلَيْكُمْ } ورجع عمَّا ألزمكم، وأزال تعبكم بالرخصة في ترك القيام المقدر المعين على الوجوه المذكورة؛ إذ لا يسع لكم ضبطها، وبعدما رخصكم سبحانه، وخفف عنكم تفضلاً وامتناناً، قوموا في خلال الليل مقدار ما يسّر الله لكم ووفقكم عليه { فَٱقْرَءُواْ } أي: صلوا التهجد بقراءة { مَا تَيَسَّرَ } لكم { مِنَ ٱلْقُرْآنِ } المقرون بصلاتكم.

قيل: كان التهجد واجباً على التخيير المذكور، ثمَّ رخص بترك التقدير والتعيين، ثمَّ نسخ هذا أيضاً بالصلوات الخمس المقدرة في الأوقات الخمسة، وإنما نسخه سبحانه؛ إذ { عَلِمَ } بمقتضى حضرة علمه وحكمته { أَن } أي: إنه { سَيَكُونُ } بعضاً { مِنكُمْ مَّرْضَىٰ } من السهر المفرط؛ إذ الأبدان متفاوتة في تحمل المشاق، سيما ترك النوم المعدّ؛ لاستراحة البدن في الليل { وَ } أيضاً { آخَرُونَ } منكم { يَضْرِبُونَ } ويسافرون { فِي ٱلأَرْضِ } سفراً مباحاً { يَبْتَغُونَ } ويطلبون بسفرهم { مِن فَضْلِ ٱللَّهِ } وسعة جوده وكرمه مزيد رزق، أو طلب علم، أو صلة رحم، أو زيارة صديق إلى غير من الأسفار المشروعة، فيتحرجون بقيام الليل والتهجد فيه { وَآخَرُونَ } أيضاً { يُقَٰتِلُونَ } مع أعداء الله { فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } ترويجاً لدينه، وإعلاءً لكلمة توحيده، فإنهم لو تهجدوا لضعفوا ألبتة فشق عليهم أمر القتال.

السابقالتالي
2