الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ ٱللَّهِ وَلاَ ٱلشَّهْرَ ٱلْحَرَامَ وَلاَ ٱلْهَدْيَ وَلاَ ٱلْقَلاۤئِدَ وَلاۤ آمِّينَ ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَٱصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلْبرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }

قوله: { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ ٱللَّهِ } الآية.

قوله: { شَنَآنُ قَوْمٍ } مصدر أصله الفتح، و [لكن] من أسكن جعله اسماً. وقد توهم أبو عبيدة وأبو حاتم أن من أسكنه جعله مصدراً، فأنكراه على ذلك، وليس هو عند من أسكن مصدراً، بل هو اسم " ككسلان " و " غضبان ".

وقرأ يحيى بن وثاب { وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ } بالضم.

وهي عند الكسائي لغتان: " أَجرَم " و " جَرَم " ، ولا يعرف البصريون " أجرم " إلا في الجنابة.

ومن قرأ { أَن صَدُّوكُمْ } بالكسر، فالمعنى: " ولا يجرمنكم شنآن قوم أن تعتدوا إن صدّوكم " ، فالصد لم يكن بعد. وفي حرف ابن مسعود شاهد للكسر، لأنه قرأ (إِن يَصُدّوكُم)، ومثله:فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ } [محمد: 22].

ومن قرأ بالفتح، احتج أن الصد قد كان، وذلك أن الآية نزلت عام الفتح، سنة ثمان، وكان المشركون صدوا المؤمنين عام الحديبية سنة ست /، فالصدّ كان قبل الآية.

وقيل: " إِنْ " بمعنى " إذْ " ، فهو صَدٌّ قد كان، فالكسر أولى به، ويدل على الكسر قوله: { لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ ٱللَّهِ [وَلاَ ٱلشَّهْرَ ٱلْحَرَامَ] وَلاَ ٱلْهَدْيَ وَلاَ ٱلْقَلاۤئِدَ } ولا كذا ولا كذا، فهو أمر للمؤمنين ألا يعتدوا إنْ وقع صَدّ لهم، ولو كان الفتح الصواب لكان نَهْياً للمشركين ولم يقل { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } ، وقد جعل النحاس هذه الحجة حجة للفتح، وهو خطأ، إنما تكون حجة للكسر.

ومعنى الآية: أن الله نهى المؤمنين أن يحلوا شعائره، وهي معالمه وحدوده التي جعلها علماً لطاعته في الحج.

وقال عطاء: شعائر الله حرماته، حضهم على اجتناب سخطه واتباع طاعته.

وقال السدِّي: شعائر الله حرَم الله.

وقال ابن عباس: " شعائر الله مناسك الحج ".

وعن ابن عباس أيضاً: { لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ ٱللَّهِ } نهاهم أن يرتكبوا ما نهى عنه المحرمَ أن يصيبه.

وواحد الشعائر: شعيرة، وقيل: هي " فعيلة " بمعنى: " مُفعَلَة ".

قال أبو عبيدة: الشعائر الهدايا. قال الأصمعي: أشعرتها: أعلمتها.

ابن قتيبة: الإشعار أن [يُجَلَّلَ] ويُقلَّد ويُطعَن في سنامه ليُعلَم بذلك أنه هدي، فنهى الله أن يستحلوه قبل أن يبلغ مَحِلَّه.

وقيل: الشعائر العلامات بين الحِلِّ والحَرم، فنُهوا أن يجاوزوها غير مُحرِمين، وهو مشتق من قولهم " شَعر فُلانٌ بالأمرِ " إذا علم به.

قال زيد [بن] أسلم: الشعائر ست: الصفا والمروة، والبدن، والجمار، والمشعر الحرام، وعرفة، والركن. قال: والحرمات خمس: الكعبة الحرام، والبلد [الحرام]، والشهر الحرام، والمسجد الحرام، والمُحرِم حتى يَحِلَّ.

وقال الكلبي: كان عامة العرب لا يَعُدُّون الصفا والمروة من الشعائر، ولا يقفون في حجهم (عليهما، وكانت الحُمْسُ لا يرون عرفات من الشعائر ولا يقفون بها في حجهم)، فنهاهم الله عن ذلك بهذه الآية وغيرها.

السابقالتالي
2 3 4