قوله { وَٱلسَّمَاء ذَاتِ ٱلْبُرُوجِ } قد تقدّم الكلام في البروج عند تفسير قوله{ جَعَلَ فِى ٱلسَّمَاء بُرُوجاً } الفرقان 61 قال الحسن، ومجاهد، وقتادة، والضحاك هي النجوم، والمعنى والسماء ذات النجوم. وقال عكرمة، ومجاهد أيضاً هي قصور في السماء. وقال المنهال بن عمرو ذات الخلق الحسن. وقال أبو عبيدة، ويحيى بن سلام وغيرهما هي المنازل للكواكب، وهي اثنا عشر برجاً لاثني عشر كوكباً، وهي الحمل، والثور، والجوزاء، والسرطان، والأسد، والسنبلة، والميزان، والعقرب، والقوس، والجدي، والدلو، والحوت. والبروج في كلام العرب القصور، ومنه قوله{ وَلَوْ كُنتُمْ فِى بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ } النساء 78 شبهت منازل هذه النجوم بالقصور لكونها تنزل فيها وقيل هي أبواب السماء. وقيل هي منازل القمر، وأصل البرج الظهور، سميت بذلك لظهورها { وَٱلْيَوْمِ ٱلْمَوْعُودِ } أي الموعود به، وهو يوم القيامة. قال الواحدي في قول جميع المفسرين. { وَشَـٰهِدٍ وَمَشْهُودٍ } المراد بالشاهد من يشهد في ذلك اليوم من الخلائق أي يحضر فيه والمراد بالمشهود ما يشاهد في ذلك اليوم من العجائب، وذهب جماعة من الصحابة والتابعين إلى أن الشاهد يوم الجمعة، وأنه يشهد على كل عامل بما عمل فيه، والمشهود يوم عرفة لأنه يشهد الناس فيه موسم الحج، وتحضره الملائكة. قال الواحدي وهذا قول الأكثر. وحكى القشيري عن ابن عمر، وابن الزبير أن الشاهد يوم الأضحى. وقال سعيد بن المسيب الشاهد يوم التروية، والمشهود يوم عرفة. وقال النخعي الشاهد يوم عرفة، والمشهود يوم النحر. وقيل الشاهد هو الله سبحانه. وبه قال الحسن، وسعيد بن جبير، لقوله{ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً } الفتح 166 وقوله{ قُلْ أَىُّ شَىْء أَكْبَرُ شَهَـٰدةً قُلِ ٱللَّهِ شَهِيدٌ بِيْنِى وَبَيْنَكُمْ } الأنعام 19. وقيل الشاهد محمد صلى الله عليه وسلم لقوله{ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـؤُلاء شَهِيداً } النساء 41 وقوله{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ إِنَّا أَرْسَلْنَـٰكَ شَاهِداً وَمُبَشّراً وَنَذِيراً } الأحزاب 45. وقوله{ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا } البقرة 143. وقيل الشاهد جميع الأنبياء لقوله { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ } وقيل هو عيسى بن مريم لقوله{ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دمت فِيهِمْ } المائدة 117 والمشهود على هذه الأقوال الثلاثة إما أمة محمد، أو أمم الأنبياء، أو أمة عيسى. وقيل الشاهد آدم. والمشهود ذريته. وقال محمد بن كعب الشاهد الإنسان لقوله{ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا } الإسراء 14 وقال مقاتل أعضاؤه لقوله{ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } النور 24 وقال الحسين بن الفضل الشاهد هذه الأمة، والمشهود سائر الأمم لقوله{ وَكَذٰلِكَ جَعَلْنَـٰكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى ٱلنَّاسِ } البقرة 143. وقيل الشاهد الحفظة والمشهود بنو آدم. وقيل الأيام والليالي. وقيل الشاهد الخلق يشهدون لله عزّ وجلّ بالوحدانية، والمشهود له بالوحدانية هو الله سبحانه، وسيأتي بيان ما ورد في تفسير الشاهد والمشهود، وبيان ما هو الحقّ إن شاء الله.