الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }

{ ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ } فى جميع احوالهم فانّ صاحب اللّبّ الّذى قبل الولاية وصار ذا لبّ بتلقيح الولاية لا يخلو فى احواله من ذكر الله وان أنساه الشّيطان ذكر ربّه حيناً ما تذكّر فاستغفر على اىّ حال كان { قِيَاماً وَقُعُوداً } يجوز فى كلّ منها ان يكون مصدراً وان يكون جمعاً { وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ } قد مرّ بيان للذّكر واقسامه وشطر من الاخبار فى اوّل البقرة عند قوله تعالى:فَٱذْكُرُونِيۤ أَذْكُرْكُمْ } [البقرة: 152]، وفى هذه الآية دلالة على حسن ذكر الله على كلّ حال ولا بأس بذكر الله فى كلّ حال وفى خبرٍ: لا باس بذكر الله وانت تبول، وفى خبر عن النّبىٍّ (ص): " من احبّ ان يرتع فى رياض الجنّة فليكثر ذكر الله " ، وفى خبرٍ: " ذاكر الله فى الغافلين كالمقاتل فى الغازين " ، وفى خبرٍ " عن النّبىّ (ص) يقول الله تعالى: انا مع عبدى ما ذكرنى وتحرّكت به شفتاه " ، وفى خبرٍ: " ما عمل ابن آدم من عمل انجى له من عذاب الله تعالى من ذكر الله، قالوا: يا رسول الله (ص) ولا الجهاد فى سبيل الله؟ - قال (ص) ولا الجهاد فى سبيل الله ولا ان تضرب بسيفك حتّى تقطّع، ثمّ تضرب به حتّى تقطّع ثلاثاً " ، وفى حديثٍ قدسىّ: " يا موسى (ع) لو انّ السّماوات السّبع وعامريهن عندى والارضين السّبع فى كفّة ولا اله الاّ الله فى كفّة مالت بهنّ " ، وفى قدسىّ آخر: " اذا كان الغالب على عبدى الاشتغال بى جعلت همّه ولذّته فى ذكرى، واذا جعلت همّه ولذّته فى ذكرى عشقنى وعشقته، واذا عشقته رفعت الحجاب بينى وبينه، لا يسهو اذا سهى النّاس، اولئك كلامهم كلام الانبياء، اولئك الابدال حقّاً، اولئك الّذين اذا اردت باهل الارض عقوبةً او عذاباً ذكرتهم فيهم فصرفته بهم عنهم " ، وفى قدسىّ آخر: " ايّما عبد اطّلعت على قلبه فرأيت الغالب عليه التّمسّك بذكرى تولّيت سياسته وكنت جليسه ومحادثه، ونسب الى امير المؤمنين (ع) انّه قال: انّ الله يتجلّى على عباده الذّاكرين عند الذّكر وعند تلاوة القرآن من غير ان يروه ويريهم نفسه من غير ان يتجلّى لهم لانّه اعزّ من ان يرى واظهر من ان يخفى فتفرّدوا بالله سبحانه واستأنسوا بذكره " ، ونسب اليه (ع) فى هذه الآية انّه قال: الصّحيح يصلّى قائماً والمريض يصلّى جالساً، وعلى جنوبهم الّذى يكون أضعف من المريض الّذى يصلّى جالساً.

بيان الفكر ومراتبه

{ وَيَتَفَكَّرُونَ } الفكر والتّفكّر والنّظر هو الانتقال من المعلوم الحاضر الى المجهول كما انّ الفقه هو العلم الدّينىّ الّذى ينتقل منه الى علم آخر والعلم عندهم ليس الاّ بهذا المعنى كما انّ الفكر عندهم هو السّير من المبادئ المعلومة الى المقاصد المطلوبة للانسان اى المقاصد النّافعة فى الآخرة، والفكر بهذا المعنى من اجلّ العبادات واعظم القربات وفى مدحه بهذا المعنى ورد اخبار كثيرة؛ منها:

السابقالتالي
2 3