الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَٱلأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ }

أي لشدة هوله وضعف الخلائق، كما تقدم في قوله تعالى:يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ } [عبس: 34-35]، وقوله:لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } [عبس: 37].

ولحديث الشفاعة: " كل نبي يقول: نفسي نفسي، إلى أن تنتهي إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم فيقول: أنا لها ".

وحديث فاطمة: " اعملي.... ".

وقوله تعالى:مَن ذَا ٱلَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } [البقرة: 255]، ونحو ذلك.

وقوله: { وَٱلأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ } ، ظاهر هذه الآية تقييد الأمر بالظرف المذكور، ولكن الأمر لله في ذلك اليوم، وقيل ذلك اليوم، كما في قوله تعالى:لِلَّهِ ٱلأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ } [الروم: 4].

وقوله:أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ } [الأعراف: 54]، أي يتصرف في خلقه بما يشاء من أمره لا يشركه أحد، كما لا يشركه أحد في خلقه.

ولذا قال لرسوله صلى الله عليه وسلم:قُلْ إِنَّ ٱلأَمْرَ كُلَّهُ للَّهِ } [آل عمران: 154].

وقال:لَيْسَ لَكَ مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ } [آل عمران: 128] ونحو ذلك.

ولكن جاء الظرف هنا لزيادة تأكيد، لأنه قد يكون في الدنيا لبعض الناس بعض الأوامر، كما في مثل قوله تعالى:وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ } [طه: 132].

وقوله:أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ } [النساء: 59].

وقوله:فَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ } [هود: 97]، وهي كلها في الواقع أوامر نسبية. وما تشاءون إلا أن يشاء الله.

ولكن يوم القيامة حقيقة الأمر كله، والملك كله لله تعالى وحده، لقوله تعالى:لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } [غافر: 16].

فلا أمر مع أمره، ولا متقدم عليه حتى ولا بكلمة، إلاَّ من أذن له الرحمن وقال صواباً، وهو كقوله:ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ لِلرَّحْمَـٰنِ } [الفرقان: 26]، مع أن هنا في الدنيا ملوكاً، كما في قصة يوسف،وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِي بِهِ } [يوسف: 50].

وفي قصة الخضر وموسىوَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ } [الكهف: 79].

أما يوم القيامة فيكونون كما قال تعالى:وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ } [الأنعام: 94].

وكقوله:هَّلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ } [الحاقة: 29]، فقد ذهب كل سلطان ولك ملك، والملك يومئذ لله الواحد القهار.