أي لشدة هوله وضعف الخلائق، كما تقدم في قوله تعالى:{ يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ } [عبس: 34-35]، وقوله:{ لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } [عبس: 37]. ولحديث الشفاعة: " كل نبي يقول: نفسي نفسي، إلى أن تنتهي إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم فيقول: أنا لها ". وحديث فاطمة: " اعملي.... ". وقوله تعالى:{ مَن ذَا ٱلَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } [البقرة: 255]، ونحو ذلك. وقوله: { وَٱلأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ } ، ظاهر هذه الآية تقييد الأمر بالظرف المذكور، ولكن الأمر لله في ذلك اليوم، وقيل ذلك اليوم، كما في قوله تعالى:{ لِلَّهِ ٱلأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ } [الروم: 4]. وقوله:{ أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ } [الأعراف: 54]، أي يتصرف في خلقه بما يشاء من أمره لا يشركه أحد، كما لا يشركه أحد في خلقه. ولذا قال لرسوله صلى الله عليه وسلم:{ قُلْ إِنَّ ٱلأَمْرَ كُلَّهُ للَّهِ } [آل عمران: 154]. وقال:{ لَيْسَ لَكَ مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ } [آل عمران: 128] ونحو ذلك. ولكن جاء الظرف هنا لزيادة تأكيد، لأنه قد يكون في الدنيا لبعض الناس بعض الأوامر، كما في مثل قوله تعالى:{ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ } [طه: 132]. وقوله:{ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ } [النساء: 59]. وقوله:{ فَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ } [هود: 97]، وهي كلها في الواقع أوامر نسبية. وما تشاءون إلا أن يشاء الله. ولكن يوم القيامة حقيقة الأمر كله، والملك كله لله تعالى وحده، لقوله تعالى:{ لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } [غافر: 16]. فلا أمر مع أمره، ولا متقدم عليه حتى ولا بكلمة، إلاَّ من أذن له الرحمن وقال صواباً، وهو كقوله:{ ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ لِلرَّحْمَـٰنِ } [الفرقان: 26]، مع أن هنا في الدنيا ملوكاً، كما في قصة يوسف،{ وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِي بِهِ } [يوسف: 50]. وفي قصة الخضر وموسى{ وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ } [الكهف: 79]. أما يوم القيامة فيكونون كما قال تعالى:{ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ } [الأنعام: 94]. وكقوله:{ هَّلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ } [الحاقة: 29]، فقد ذهب كل سلطان ولك ملك، والملك يومئذ لله الواحد القهار.