الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوْ تَقُولُوۤاْ إِنَّمَآ أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلْمُبْطِلُونَ }

{ أَوْ تَقُولُوۤاْ } في ذلك اليوم { إِنَّمَآ أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ } أي إن آباءنا هم اخترعوا الإشراك وهم سنوه من قبل زماننا { وَكُنَّا } نحن { ذُرّيَّةً مّن بَعْدِهِمْ } لا نهتدي إلى سبيل التوحيد { أَفَتُهْلِكُنَا } أي أتؤاخذنا فتهلكنا اليوم بالعذاب { بِمَا فَعَلَ ٱلْمُبْطِلُونَ } من آبائنا المضلين لا نراك تفعل. و { أَوْ } لمنع الخلو دون الجمع، وفعل القول عطف على نظيره. وقرأهما أبو عمرو بالياء على الغيبة لأن صدر الكلام عليها، ووجه قراءة الخطاب ما علمت. وقال البعض: إن ذاك لقول الرب تعالى ربكم وإنما وإنما لم يسع القوم هذا القول لأن ما ذكر من استعدادهم يضيق عليهم المسالك إليه إذ التقليد عند قيام الدلائل والقدرة على الاستدلال بها مما لا مساغ إليه أصلاً.

هذا والذي عليه المحدثون والصوفية قاطبة أن الله تعالى أخذ من العباد بأسرهم ميثاقاً قالياً قبل أن يظهروا بهذه البنية المخصوصة وأن الإخراج من الظهور كان قبل أيضاً. فقد أخرج أحمد والنسائي وابن جرير وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في «الأسماء والصفات» عن ابن عباس عن النبـي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله تعالى أخذ الميثاق من ظهر آدم بنعمان يوم عرفة فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنشرها بين يديه كالذر ثم كلمهم قبلاً ألست بربكم؟ قالوا: بلى شهدنا ". أخرج مالك في «الموطأ» وأحمد وعبد بن حميد والبخاري في «التاريخ»، وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن جرير وخلق كثير عن مسلم بن يسار الجهني أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه سئل عن هذه الآيةوَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ } [الأعراف: 172] الخ فقال: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عنها فقال: إن الله تعالى خلق آدم ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية فقال: خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون، ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية فقال خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون فقال الرجل: يا رسول الله ففيم العمل؟ فقال: إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخله الله الجنة وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخله الله تعالى النار " والبيضاوي حمل الآية في «تفسيره» على التمثيل وكذا في «شرحه للمصابيح» وذكر فيه أن ظاهر حديث عمر رضي الله تعالى عنه لا يساعد ذلك ولا ظاهر الآية لأنه سبحانه وتعالى لو أراد أن يذكر أنه استخرج الذرية من صلب آدم دفعة واحدة لا على توليد بعضهم من بعض على مر الزمان لقال: وإذ أخذ ربك من ظهر آدم ذريته، والتوفيق بينهما أن يقال: المراد من بني آدم في الآية وأولاده وكأنه صار اسماً للنوع كالإنسان والبشر، والمراد بالإخراج توليد بعضهم من بعض على مر الزمان واقتصر في الحديث على ذكر آدم اكتفاء بذكر الأصل عن ذكر الفرع، وقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9