{ خَلَقَ ٱلإِنسَـٰنَ مِن صَلْصَـٰلٍ } طين يابس له صلصلة { كَٱلْفَخَّارِ } أي الطين المطبوخ بالنار وهو الخذف. ولا اختلاف في هذا وفي قوله{ مّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } [الحجر: 26]{ مّن طِينٍ لاَّزِبٍ } [الصافات: 11]{ مّن تُرَابٍ } [غافر: 67] لاتفاقها معنى لأنه يفيد أنه خلقه من تراب ثم جعله طيناً ثم حمأ مسنوناً ثم صلصالاً { وَخَلَقَ ٱلْجَانَّ } أبا الجن قيل: هو إبليس { مِن مَّارِجٍ } هو اللهب الصافي الذي لا دخان فيه. وقيل: المختلط بسواد النار من مرج الشيء إذا اضطرب واختلط { مّن نَّارٍ } هو بيان لما رج كأنه قيل: من صاف من نار أو مختلط من نار، أو أراد من نار مخصوصة كقوله{ فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّىٰ } [الليل: 14] { فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ رَبُّ ٱلْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ ٱلْمَغْرِبَيْنِ } أراد مشرقي الشمس في الصيف والشتاء ومغربيهما. { فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ } أي أرسل البحر الملح والبحر العذب متجاورين متلاقيين لا فصل بين الماءين في مرأى العين { بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ } حاجز من قدرة الله تعالى { لاَّ يَبْغِيَانِ } لا يتجاوزان حديهما ولا يبغي أحدهما على الآخر بالممازجة { فَبِأَىّ الاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ يَخْرُجُ } { يَخْرُجُ } مدني وبصري { مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ } بلا همز: أبو بكر ويزيد وهو كبار الدر { وَالمَرْجَانُ } صغاره. وإنما قال { مِنْهُمَا } وهما يخرجان من الملح لأنهما لما التقيا وصارا كالشيء الواحد جاز أن يقال يخرجان منهما كما يقال يخرجان من البحر ولا يخرجان من جميع البحر ولكن من بعضه وتقول: خرجت من البلد وإنما خرجت من محلة من محاله. وقيل: لا يخرجان إلا من ملتقى الملح والعذب { فَبِأَىّ الاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ }. { وَلَهُ } ولله { ٱلْجَوَارِ } السفن جمع جارية. قال الزجاج: الوقف عليها بالياء والاختيار وصلها، وإن وقف عليها واقف بغير ياء فذا جائز على بعد ولكن يروم الكسر في الراء ليدل على حذف الياء { المنشآت } المرفوعات الشرع { المنشآت } بكسر الشين، حمزة ويحيـى الرافعات الشرع أو اللاتي ينشئن الأمواج بجريهن { فِى ٱلْبَحْرِ كَٱلأَعْلَـٰمِ } جمع علم وهو الجبل الطويل { فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا } على الأرض { فَانٍ وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبّكَ } ذاته { ذُو ٱلْجَلْـٰلِ } ذو العظمة والسلطان وهو صفة الوجه { وَٱلإكْرَامِ } بالتجاوز والإحسان، وهذه الصفة من عظيم صفات الله وفي الحديث " ألظوا بياذا الجلال والإكرام " وروي أنه عليه السلام مر برجل وهو يصلي ويقول يا ذا الجلال والإكرام فقال: قد استجيب لك. { فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } والنعمة في الفناء باعتبار أن المؤمنين به يصلون إلى النعيم السرمد. وقال يحيـى بن معاذ: حبذا الموت فهو الذي يقرب الحبيب إلى الحبيب.