ثم قال تعالى: { وَكَذٰلِكَ أَنزَلْنَـٰهُ } يعني: جبريل عليه السلام بالقرآن { آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ } يعني: واضحات بالحلال والحرام { وَأَنَّ ٱللَّهَ يَهْدِى مَن يُرِيدُ } يعني: يرشد إلى دينه من كان أهلاً لذلك فيوفقه لذلك وهذا كقوله{ وَٱللَّهُ يَدْعُوۤ إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلاَمِ } [يونس: 25] { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } يعني: أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - ومن كان مثل حالهم { وَٱلَّذِينَ هَادُواْ } يعني: مالوا عن الإسلام يعني اليهود { وَٱلصَّـٰبِئِينَ } وقد ذكرناه من قبل { وَٱلنَّصَـٰرَىٰ وَٱلْمَجُوسَ } يعني: عبدة النيران { وَٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ } يعني: عبدة الأوثان والأديان ستة فواحد لله تعالى والخمسة للشيطان { إِنَّ ٱللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ } يعني: يقضي ويحكم بينهم { يَوْمُ ٱلْقِيَـٰمَةِ } يعني: بين هذه الأديان الستة وقال بعضهم: إن الفاء مضمرة في الكلام ومعناه: فإن الله يفصل بينهم على معنى جواب الشرط ويقال: جوابه في قوله: { فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } ثم قال { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلّ شَىْء شَهِيدٌ } من أعمالهم ثم قال عز وجل { أَلَمْ تَرَ } يعني ألم تعلم ويقال ألست تعلم ويقال: ألم تخبر في الكتاب { أَنَّ ٱللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ } من الملائكة { وَمَن فِى ٱلأَرْضِ } من الخلق { وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ وَٱلنُّجُومُ وَٱلْجِبَالُ } قال مقاتل: سجود هؤلاء حين تغرب الشمس تحت العرش ويقال: سجودها دورانها { وَ } سجود { ٱلشَّجَرُ وَٱلدَّوَابُّ } إذا تحول ظل كل شيء فهو سجوده قوله: { وَكَثِيرٌ مّنَ ٱلنَّاسِ } أي: المؤمنين { وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ ٱلْعَذَابُ } أي: بترك سجودهم في الدنيا ويقال (وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ) بعدم الطاعة. ويقال: سجود الشجر، أي هو سجود ظلّها ويقال: يسجد أي: يخضع وفيه آية الخلق فهو سجودهم { وَمَن يُهِنِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ } يعني: من قضى الله عز وجل عليه بالشقاوة فما له من مسعد { إِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء } يعني: يحكم ما يشاء في خلقه من الإهانة والإكرام.