قوله: { فَاسْتَفْتِهِمْ } أي: فاسألهم، يعني المشركين { أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ } وذلك لقولهم إن الملائكة بنات الله. قال: { وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ } أي: البنات { وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى } أي: الغلمان{ لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ } [النحل: 62]. قوله: { أَمْ خَلَقْنَا الْمَلآئِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ } أي: لخلقهم، أي: لم نفعل، ولم يشهدوا خلقهم، وهو كقوله:{ وَجَعَلُوا الْمَلآئِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ } [الزخرف: 19] أي: لم يشهدوا خلقهم. قال الله: { أَلاَ إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ } أي: من كذبهم { لَيَقُولُونَ وَلَدَ اللهُ } أي: ولد البنات، يعنون الملائكة. قال: { وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }. { أَصْطَفَى الْبَنَاتِ } أي: أختار البنات { عَلَى البَنِينَ } أي: لم يفعل { مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ } أي: حجة بيّنة، على الاستفهام { فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ } أي: الذي فيه حجّتكم { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } أي: إن الملائكة بنات الله، أي: ليس لكم بذلك حجة. قوله تعالى: { وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجِنَّةِ نَسَباً }. ذكروا أن اليهود قالت: إن الله صاهر الجن فكانت من بينهم الملائكة. قال الله: { وَلَقَدْ عَلِمَتِ الجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } أي: مدخلون في النار { سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ } ينزّه نفسه عما يكذبون. وقال بعضهم: قال مشركو العرب: إنه صاهر الجن. وقال الجنُّ صِنف من الملائكة فكانت له منهم بنات. قوله: { إِلاَّ عِبَادَ اللهِ المُخْلَصِينَ } أي: المؤمنين. وهذا من مقاديم الكلام يقول: { وَلَقَدْ عَلِمَتِ الجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } إِلاَّ عِبَادَ اللهِ المُخْلَصِينَ { سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ } يعني الذين جعلوا بينه وبين الجنة نسباً. قوله: { فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الجَحِيمِ } [قال الحسن: ما أنتم عليّ بفاتنين، يا بني إبليس، إنه ليس لكم سلطان إلا على من هو صال الجحيم]. وبعضهم يقول: { مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ } أي: ما أنتم بمضلّين أحداً يا بني إبليس، إلا من هو صال الجحيم بفعله. وبعضهم يقول: فإنكم، يعني المشركين، وما تعبدون، يعني وما عبدوا. ما أنتم عليه، أي: على ما تعبدونه، بمضلّين أحداً إلا من قدِّر له أن يصلى الجحيم بفعله.