الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَعْرَضُواْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ ٱلْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ }

{ فأعرضوا } عن الفكر وكفروا وقالوا لانبياءهم لما ذكروهم بنعم الله ادعوه ليجبها عنها. { فأرسلنا عليهم سيل العرم } أي سيل الامر الصعب يقال عرم الرجل فهو عرم وعارم سات خلقه او سهل المطر الشديد او الفار نسب السيل للفار لانه ثقب السد الذي حبسه. روي ان بلقيس ضربت لهم سدا مرصوصا بحجارة مركبة من جبل لاخر حبست به ماء الانهار والعيون وجعلت فيه كوي على مقدار ما يحتاجون اليه في صرف الماء لصقبهم او العرم جمع عرمه وهي الحجارة المركومة وكل مركوم عرمة وقيل العرم اسم واذ جاء السيل من قبله وكان ذلك بين سيدنا عيسى وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وروي ان الله بعث اليهم ثلاثة عشر نبيا يدعونهم إلى الله ويذكرونهم نعمته عليهم فكذبوهم فقالوا ما نعرف لله نعمة فسلط الله عليهم فارا يسمى الخلد خرب سدهم من أسلفه فاغرقوهم واموالهم وكان من صخر وقار قيل كانوا قبل ذلك يقتتلون على ماء واديهم فحبسته بلقيس بين الجبلين وجعل له ثلاثة ابواب بعضها فوق بعض وبنت دونه بركة وجعلت فيه اثنى عشر مخرجا على عدة انهارهم يفتحونها اذا احتاجوا إلى الماء ويسدونها اذا استغنوا فاذا جاء المطر اجتمع اليهم ماء اودية اليمن واحتبس وراء السد فتأمر بفتح الاعلى فيجري ماءه الى البركة ثم يسقون من الباب الثاني تحته ثم من الثالث الاسفل فلا ينفذ حتى يجيء ماء السنة الاخرى. قال وهب وجدوا في علمهم فيما زعموا ان تخرب سدهم فارة فلم يتركوا فرجة بين حجرين الا ربطوا عندها هرة وجاء فارة حمراء كبيرة الى هرة منهن فتأخرت الهرة فدخلت الفارة في الفرجة فأوهنت السد للسيل وهم يعلمون ولما جاء السيل وجد خلالا فابتلع السد واغرقهم واموالهم وادخل الرمل بيوتهم فتفرق من لم يمت وقيل ما غرق الا قليل منهم والعرب تضرب المثل بتفرقهم تقول تفرقوا ايادي سبأ وذهبوا أيدي سبأ اي تفرقا مثل تفرق أولاد سبأ. وقيل سيل العرم سيل الامر الشديد وكان من ماء أحمر أرسله الله عليهم من حيث شاء وذكر بعضهم ان ذلك السد كان اخر الوادي وجنتهم وتشرب من فيضة وكانت بجنبه وان بانيه بلقيس وقيل حمير ابو القبائل اليمنية وان الله سبحانه بعث اليهم جرذا وهو نوع من الفار وكان اعمى وأنه توالد في السد وخرقه شيئا بعد شيء وان الماء اهلك كثيرا ممن لم يمكنه الفرار وان ابن عباس فسر العرم بالشديد وان عياضا قال كأنه صفة للسيل وان الاضافة الى الصفة مبالغة وانها كثيرة وذكر بعضهم ان ذلك السد رد الماء نحو فرسخين وان الله سبحانه بعث اليهم اثنى عشر نبيا فكذبوهم وان ماء السد اهلكهم جميعا الا شيخا وامرأة كاهنة وحمارة وان الكاهنة اخبرت الحاكم عليهم واسمه عمر وان الجرذان تهدم السد ويهلك الماء البلد فارحلوا قبل نزول البلاء فسار الى السد ونظر فبينما هو ينظر اذ راى الجرذان تثقب السد ورأى مقدمها جرذا احمر كبيرا قد رمى بحجر من السد في الماء لا يرفعه مائة رجل فقال ان الكاهنة صادقة واخبر اهله وامرهم بكتم الامر ثم قال الى مجلس حكمه والتفت الى ابن عم له كان قد اطلعه على الامر وقال له اريد منك ان تلطمني في مجلس الحكم بين العرب واعطيك كذا وكذا فلطمه فقام عمر وقال اني لا اسكن التي الطم فيها من يشتري مالي من ارض واشجار ودور؟ فابوا عليه الذهاب فصمم فاشتروها بأغلا ثمن ورحل الى بعض بلاد اليمن وما مضى بعده شهر الا وقد انفتح السد وغرقت الارض وذكر بعضهم ان تلك الدابة التي خربت السد ليس لها عينان ولها نابان تحفر بهما.

السابقالتالي
2