{ أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار } لتعذب قلوبهم بالحجب الدنيوية وحرمانها عن مقتضى استعدادها وتألمها بما لا يلائمها من مكسوباتها { وحَبط ما صَنَعوا } من أعمال البر في الآخرة لكونها بنية الدنيا لقوله صلى الله عليه وسلم: " الأعمال بالنيّات ولكل امرئ ما نوى " إلى آخر الحديث. { أفمَن كان على بينة من ربّه } أي: أمن كان يريد الحياة الدنيا فمن كان على بينة من ربّه يعني بعد ما بينهما في المرتبة بعداً عظيماً من كان على بينة أي: يقين برهاني عقلي أو وجداني كشفي ويتبع ذلك اليقين { شاهد } من ربّه أي: القرآن المصدّق للبرهان العقلي في التوحيد وصحة النبوّة وأصول الدين، ومن قبل هذا القرآن { كتاب موسى } أي: يتبع البرهان من قبل هذا الكتاب كتاب موسى في حال كونه { إماماً } يؤتّم به وقدوة يتمسك بها في تحقيق المطالب ورحمة رحيمية تهدي الناس وتزْكيهم وتعلمهم الحِكَم والشرائع { أولئك يؤمِنُون به } بالحقيقة دون الطالبين لحظوظ الدنيا. { ومن أظلم ممن افْتَرى على الله كَذباً } بإثبات وجود غيره وإسناد صفته من الكلام ونحوه إلى الغير { أولئك يعرضون على ربّهم } بالوقف في الموقف الأول محجوبين مخذولين { ويقول الأشهاد } الموحدون { هؤلاء الذين كذبوا على ربّهم } بالشرك ثم طردوا ولعنوا بسبب شركهم الذي هو أعظم الظلم { الذين يصدون } الناس عن سبيل التوحيد ويصفونها بالاعوجاج مع استقامتها وهم مع احتجابهم عن الحق محجوبون عن الآخرة دون غيرهم من أهل الأديان.