قوله تعالى: { إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰ } قال الزجاج: المعنى: إن علينا أن نبيّن طريق الهدى من طريق الضلال. { وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَٱلأُولَىٰ } قال مقاتل: مُلْكُ الدنيا والآخرة. وقيل: ثواب الدارين. ومعنى { تَلَظَّىٰ }: تتوقَّد وتتوهَّج. قوله تعالى: { لاَ يَصْلَٰهَآ إِلاَّ ٱلأَشْقَى } [نارٌ] مخصوصة لا يصلاها إلا أشقى الأشقياء؛ كأمية وأبيّ ابنا خلف. ويدل عليه قوله تعالى:{ ٱلَّذِى يَصْلَى ٱلنَّارَ ٱلْكُبْرَىٰ } [الأعلى: 12]. { وَسَيُجَنَّبُهَا ٱلأَتْقَى }: أبو بكر الصديق رضي الله عنه. وبهذه الآية مع انضمام قوله:{ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ } [الحجرات: 13] احتج جماعة من صناديد النُظَّار على تفضيل أبي بكر الصديق على غيره بعد النبيين. وقال الزجاج: وهذه [الآية] التي من أجْلِها زعم أهلُ الإرْجَاء أنه لا يدخل النار إلا كافر، وليس كما ظنوا، هذه نارٌ مخصوصة موصوفةٌ بعينها، [ولأهل النار منازل]. فلو كان [كل] من لا يشرك بالله لا يُعذب، لم يكن في قوله:{ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ } [النساء: 48] فائدة. قال أبو عبيدة: والأشقى بمعنى: الشقي. وأنشد:
تمنى رجال...........
...................
وقد سبق. { وَسَيُجَنَّبُهَا ٱلأَتْقَى } أبو بكر الصديق رضي الله عنه. قال الواحدي: يعني: أبا بكر، في قول الجميع. ثم وصفه فقال: { ٱلَّذِى يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّىٰ } يطلب أن يكون عند الله [زاكياً]، لا يطلب رياء ولا سمعة. ولا محل لقوله: " يتزكى " من الإعراب إن جعلته بدلاً من " يؤتي "؛ لأنه داخل في حكم الصلة. وإن جعلته حالاً فمحله: النصب. قوله تعالى: { وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَىٰ } أي: لم يفعل ذلك مجازاة لِيَدٍ أُسديت إليه. وروى عطاء عن ابن عباس: أن أبا بكر لما اشترى بلالاً بعد أن كان يُعَذَّبُ، قال المشركون: ما فعل هذا إلا لِيَدٍ كانت لبلال عنده، فنزلت هذه الآية. قوله تعالى: { إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِ ٱلأَعْلَىٰ } استثناء منقطع. { وَلَسَوْفَ يَرْضَىٰ } أبو بكر الصديق، لما ينال في الجنة من الكرامة عند الله تعالى، والزلفى لديه.