الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ }

10917/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد ابن يعقوب الكليني، قال: حدثنا علي بن محمد، عن محمد بن عيسى، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: “إنما سمي الله بالعلم لغير علم حادث علم به الأشياء، و استعان به على حفظ ما يستقبل من أمره، و الرواية فيما يخلق [من خلقه] و بعينه ما مضى مما أفنى من خلقه مما لو لم يحضره ذلك العلم و يعنه كان جاهلا ضعيفا، كما أنا رأينا علماء الخلق إنما سموا بالعلم لعلم حادث إذ كانوا قبله جهلة، و ربما فارقهم العلم بالأشياء، فصاروا إلى الجهل، و إنما سمي الله عالما لأنه لا يجهل شيئا، و قد جمع الخالق و المخلوق [اسم العلم] و اختلف المعنى على ما رأيت.

و أما اللطيف فليس على قلة و قضافة و صغر، و لكن ذلك على النفاذ في الأشياء، و الامتناع من أن يدرك، كقولك: لطف عن هذا الأمر، و لطف فلان في مذهبه، و قوله يخبرك أنه غمض فبهر العقل، و فات الطلب، و عاد متعمقا متلطفا لا يدركه الوهم، فهكذا لطف ربنا، تبارك و تعالى عن أن يدرك بحد أو يحد بوصف، و اللطافة منا الصغر و القلة، فقد جمعنا الاسم و اختلف المعنى.

و أما الخبير فالذي لا يعزب عنه شيء، و لا يفوته شيء، ليس للتجربة و لا للاعتبار للأشياء فتفيده التجربة و الاعتبار علما لو لا هما ما علم، لأن من كان كذلك كان جاهلا، و الله لم يزل خبيرا بما يخلق، و الخبير من الناس المستخبر عن جهل المتعلم، و قد جمعنا الاسم و اختلف المعنى”.

10918/ [2]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن المختار بن محمد بن المختار الهمداني، عن الفتح بن يزيد الجرجاني، عن أبي الحسن (عليه السلام)- في حديث- قال: فقولك: اللطيف الخبير فسره [لي] كما فسرت الواحد، فإني أعلم أن لطفه على خلاف لطف خلقه للفصل، غير أني أحب أن تشرح لي ذلك؟ فقال: “يا فتح، إنما قلنا اللطيف، للخلق اللطيف، و لعلمه بالشيء اللطيف، أو لا ترى- وفقك الله و ثبتك- إلى أثر صنعه في النبات اللطيف و غير اللطيف و في [الخلق اللطيف] من الحيوان الصغار من البعوض و الجرجس و ما [هو] أصغر منهما مما لا تكاد تستبينه العيون، بل لا يكاد يستبان- لصغره- الذكر من الأنثى، و الحدث المولود من القديم، فلما رأينا صغر ذلك و لطفه، و اهتدائه للسفاد و الهرب من الموت، و الجمع لما يصلحه مما في لجج البحار و ما في لحاء الأشجار و المفاوز و القفار، و فهم بعضها عن بعض منطقها، و ما تفهم به أولادها عنها، و نقلها الغذاء إليها، ثم تأليف ألوانها حمرة مع صفرة و بياض مع حمرة، و ما لا تكاد عيوننا تستبينه بتمام خلقها، و لا تراه عيوننا، و لا تمسه أيدينا، علمنا أن خالق هذا الخلق لطيف، لطف في خلق ما سميناه بلا علاج و لا أداة و لا آلة، و أن كل صانع شيء فمن شيء صنع، و الله الخالق اللطيف خلق و صنع لا من شيء”.