ثم أخبر عن زمان وقوعه فقال: { يَوْمَ تَكُونُ ٱلسَّمَآءُ كَٱلْمُهْلِ } قال ابن عباس: كدُرْدِيّ الزيت. وقال عطاء: كَعَكَر القطران. وقال ابن مسعود والحسن: كالفضة [المذابة]. وقد ذكرناه في الكهف. { وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ } قال الزجاج: العِهْن: الصوف. وقال ابن قتيبة: الصُّوف المصبوغ. قال الحسن: الصوف الأحمر، وهو أضعف الصوف. وقال مقاتل: المنْفُوش، وهو [جمع]: عِهْنَة، كصُوفَة وصُوف. وقال الزمخشري: " كالعهن " كالصوف المصبوغ ألواناً؛ لأن الجبال جُدد بيضٌ وحمرٌ وغرابيب سود، فإذا بسّت وطيّرت في الجو أشبهت العهن المنفوش إذا طيرته الريح. وقال غيره: شبَّهها بالصوف في ضعفها ولينها. وقيل: شبَّهها به في الخفة إذا سارت. { وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً } قال مقاتل: لا يسأل الرجل قرابته، ولا يكلمه من شدة الأهوال. وقرأتُ لجماعة، منهم: أبو جعفر: " ولا يُسْأَلُ " بضم الياء. قال الزجاج: المعنى: لا يُسْأَل قريب عن قرابته. قوله تعالى: { يُبَصَّرُونَهُمْ } كلام مستأنف، كأنه قيل: لعله لا يبصره، فقال: يبصرونهم، لكنه منعهم التساؤل ما خَامَرَهُم من أهوال القيامة. وجُمع الضميران في " يبصرونهم " وهما للحميمين؛ نظراً إلى المعنى؛ لأنه لم يُرد حميمين مخصوصين، بل كل حميمين. وقرأ جماعة، منهم: قتادة وأبو المتوكل: " يُبْصِرُونهم " بالتخفيف. من [أبْصَر] يُبْصِر. { يَوَدُّ ٱلْمُجْرِمُ } يتمنى أبو جهل وغيره من أضرابه { لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ } الذين هم أحبُّ الخلق إليه. { وَصَاحِبَتِهِ } يعني: زوجته، { وَأَخِيهِ } الذي هو أعزّ أهله عليه. { وَفَصِيلَتِهِ } عشيرته القريبة إليه التي فصل منها { ٱلَّتِي تُؤْوِيهِ } تضمُّه انتماءً إليها، أو حَدَباً عليه. { وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ } يعني: ذلك الفداء. قال الزجاج: " كلا " ردعٌ [وتنبيه، أي: لا يرجع أحدٌ من هؤلاء فارتدعوا. وقال غيره: " كلا " ردعٌ] للمجرم عن الودادة، وتنبيهٌ على أنه لا ينفعه الافتداء ولا ينجيه من العذاب. ولما كان المراد بـ " عذاب يومئذ " النار كنى عنها بقوله: { إِنَّهَا لَظَىٰ } قال الفراء: هو اسم من أسماء جهنم، فلذلك لم يُجرِه. وقال غيره: معناها في اللغة: اللهب الخالص. وقال ابن الأنباري: سميت بذلك؛ لشدّة توقُّدِها وتلَهُّبها، يقال: هو يتلظى، أي: يتلهَّب ويتوقَّد. { نَزَّاعَةً لِّلشَّوَىٰ } أي: هي نزاعةٌ، أو هو خبر بعد خبر لـ " إن " ، أو خبرٌ لـ " لظى " إن كان الهاء في " إنها " ضمير القصة والشأن، والجملة خبر " إن " ، أو صفة لـ " لظى " إن كان المراد بلظى: اللهب. وقرأ عمر بن الخطاب وأبو رزين وأبو عبد الرحمن ومجاهد وعكرمة وحفص عن عاصم: " نزاعةً " بالنصب. قال الزجاج: هي حال مؤكدة، كما قال: