الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي ٱلنِّسَآءِ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ فِي يَتَٰمَى ٱلنِّسَآءِ ٱلَّٰتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلْوِلْدَٰنِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَٰمَىٰ بِٱلْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً }

قوله: { وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي ٱلنِّسَآءِ } أي: يطلبون منك الفتوى في ميراثهن، وكانوا لا يورثون النساء والأطفال - كما ذكرناه -، فلما فرض الله المواريث شرقوا بتوريث النساء، والأطفال، فنزلت هذه الآية.

{ وما يتلى عليكم } معطوف على اسم الله، أي: الله يفتيكم، والمتلوُّ في الكتاب يفتيكم أيضاً، وهو قوله:وَآتُواْ ٱلْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ } [النساء: 2].

وقيل: " ما يُتلى " مبتدأ، و " في الكتاب " خبره، على أنها جملة اعتراضية.

والمراد بالكتاب: اللوح المحفوظ، { فِي يَتَٰمَى ٱلنِّسَآءِ } أي: في شأنهن.

والتقدير: وما يُتلى عليكم في شأن النساء اليتامى، فأضيفت الصفة إلى الاسم؛ كقولهم: يوم الجمعة، هذا مذهب الكوفيين، والبصريون يقولون في هذا وأمثاله: الإضافة هاهنا بمعنى: " مِنْ ".

وقيل: المراد بالنساء هاهنا: أمهات اليتامى، فأضيف أولادهن إليهن، وإعراب " يتامى النساء " ينبني على الوجهين في إعراب " وما يتلى ". فإن قلنا: هو مبتدأ، فقوله: " في يتامى النساء " بدل من " فيهن ". وإن قلنا: هو عطف، فجائز أن يكون قوله: " في يتامى النساء " بدلاً أيضاً. وجائز أن يكون من صلة " وما يتلى " ، تقديره: وما يتلى عليكم في شأن يتامى النساء يفتيكم أيضاً.

{ ٱلَّٰتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ } أي: ما فُرِض لهن من الميراث، وقيل: من الصداق.

واختلف الحسن ومحمد بن سيرين في قوله: { وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ } فقال أحدهما: المعنى: وترغبون في أن تنكحوهن.

وقال الآخر: المعنى: وترغبون عن أن تنكحوهن، أي: عن أن تنكحوهن لدمامتهن. وكان هذا من سُنَّة الجاهلية إذا كانت اليتيمة دميمة ولها مال عضلها وليها عن التزويج حتى تموت فيرثها، وإن كانت ذات مال وجمال تزوجها واستأثر بمالها، ولم يعدل في صداقها.

أخرج البخاري في صحيحه عن عائشة في قوله: " { وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي ٱلنِّسَآءِ... إلى قوله: وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ } قالت: هو الرجل تكون عنده اليتيمة وهو وليها ووارثها، فأشركته في ماله حتى في العَذْق، فيرغب أن ينكحها، ويكره أن يُزوِّجها رجلاً فيشركه في ماله بما شركته فيعضلها، فنزلت هذه الآية ".

قوله: { وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلْوِلْدَٰنِ } عطف على " يتامى النساء " ، " وأن تقوموا " في محل الجر، أي: يفتيكم في يتامى النساء، وفي المستضعفين، وفي { وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَٰمَىٰ بِٱلْقِسْطِ } وهو العدل في ميراثهن ومهورهن، وأمورهن.

{ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ } فيما أمركم به ونهاكم عنه، { فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً } المعنى: وهو يجازي عليه.