الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً }

قوله تعالى { وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً }. بين هنا فيما ذكر عن الشيطان كيفية اتخاذه لهذا النصيب المفروض بقولهوَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ ٱلأَنْعَامِ وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ ٱللَّهِ } النساء 119 والمراد بتبتيك آذان الأنعام شق أذن البحيرة مثلاً وقطعها ليكون ذلك سمة وعلامة لكونها بحيرة أو سائبة كما قاله قتادة والسدي وغيرهما، وقد أبطله تعالى بقولهمَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ } المائدة 103 الآية والمراد ببحرها شق أذنها كما ذكرنا والتبتيك في اللغة التقطيع ومنه قول زهير
حتى إذا ما هوت كف الوليد لها طارت وفي كفه من ريشها بتك   
أي قطع، كما بين كيفية اتخاذه لهذا النصيب المفروض في آيات أخر كقولهلأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ ٱلْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ } الأعراف 16-17 وقولهأَرَأَيْتَكَ هَـٰذَا ٱلَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ } الإسراء 62 الأية. ولم يبين هنا هل هذا الظن الذي ظنه إبليس ببني آدم أنه يتخذ منهم نصيباً مفروضاً وأنه يضلهم تحقق لإبليس، أولا ولكنه بين في آية أخرى أن ظنه هذا تحقق له وهي قولهوَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ } سبأ 20 الآية. ولم يبين هنا الفريق السالم من كونه من نصيب إبليس ولكنه بينه في مواضع أخر كقولهوَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ } الحجر 39-40 وقولهإِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَٱلَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ } النحل 100 إلى غير ذلك من الآيات ولم يبين هنا هل نصيب إبليس هذا هو الأكثر أو لا ولكنه بين في مواضع أخر أنه هو الأكثر كقولهوَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ } هود 17 وقولهوَمَآ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } يوسف 103 وقولهوَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي ٱلأَرْضِ يُضِلُّوكَ } الأنعام 116 وقولهوَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ ٱلأَوَّلِينَ } الصافات 71. وقد ثبت في الصحيح أن نصيب الجنة واحد من الألف والباقي في النار.