{ وأقم الصلاة طرفي النهار } وهو غدوه وعشيَّه، وعن ابن عباس قال: طرفي النهار الغداة والمغرب { وزلفاً من الليل } وهي الساعة القريبة من آخر النهار، مأخوذ من أزلفه أي قربه، وصلاة الغداة والفجر، وصلاة العشيَّة العصر والظهر لأن ما بعد الظهر والعصر عشي وصلاة الزلف المغرب والعشاء { إن الحسنات يذهبن السيئات } ، قيل: أراد يكفرن الصغائر بالطاعات، وفي الحديث: " ان الصلاة إلى الصلاة كفارة ما بينهما ما اجتنبت الكبائر " " وروي أنها نزلت في رجل من الأنصار كان يبيع التمر فأتته امرأة فأعجبته فقال لها: ان في البيت أجود من هذا التمر، فذهب بها إلى بيته فضمها إلى نفسه وقبلها فتركها وندم، فأتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخبره بما فعل فقال له: " انتظر أمر ربي " فلما صلى صلاة العصر نزلت فقال له (صلى الله عليه وآله وسلم): " اذهب فإنها كفارة لما عملت " { فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية } معنى الكلام هل لا كان منهم من كان فيه خير { ينهون عن الفساد } حتى لا يعمهم الهلاك، وقيل: من كان يبقي على نفسه من عذاب الله أي يرحم نفسه فلا يعرضها لعذاب النار أولو بقية ثم وصف البقية فقال: ينهون عن الفساد في الأرض أي هلاّ نهوا عن المنكر، والمراد لم يكن من القرون بقية تنهي عن الفساد { إلاَّ قليلاً ممن أنجينا منهم } استثناء منقطع يعني: لكن قليلاً منهم أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وهم أتباع الأنبياء وأهل الحق أنجاهم الله تعالى { واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه } يعني ظلموا أنفسهم ومالوا إلى الدنيا وزينتها ونعيمها، قوله تعالى: { ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة } يعني لاضطرهم إلى أن يكونوا أمة واحدة أي أهل ملة واحدة وهي ملة الاسلام { إلاَّ من رحم ربك } إلاَّ ناساً هداهم الله ولطف بهم فاتفقوا على دين الحق غير مختلفين فيه { ولذلك خلقهم } أي ولرحمته خلقهم واللام لام العاقبة، وقيل: وعلى الرحمة خلقهم { وتمت كلمة ربك } هي وعده ووعيده الذي لا خلف فيه، وقيل: معنى تمت بخبرها يكون كما أخبر به، وقيل: الكلمة هي قوله تعالى للملائكة: { لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين } من الذين اختلفوا في الحق وتمسكوا بالباطل.