الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَدْعُ ٱلإِنْسَانُ بِٱلشَّرِّ دُعَآءَهُ بِٱلْخَيْرِ وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ عَجُولاً }

في هذه الآية الكريمة وجهان من التفسير للعلماء. وأحدهما يشهد له قرآن. وهو أن معنى الآية { وَيَدْعُ ٱلإِنْسَانُ بِٱلشَّرِّ } كأن يدعو على نفسه أو ولده بالهلاك عند الضجر من أمر. فيقول اللهم أهلكني، أو أهلك ولدي. فيدعو بالشر دعاء لا يحب أن يستجاب له. وقوله { دُعَآءَهُ بِٱلْخَيْرِ } أي يدعو بالشر كما يدعو بالخير فيقول عند الضجر اللهم أهلك ولدي كما يقول في غير وقت الضجر اللهُم عافه، ونحو ذلك من الدعاء. ولو استجاب الله دعاءه بالشر لهلك. ويدل لهذا المعنى قوله تعالىوَلَوْ يُعَجِّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ ٱلشَّرَّ ٱسْتِعْجَالَهُمْ بِٱلْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ } يونس11 أي لو عجّل لهم الإجابة بالشر كما يعجل لهم الإجابة بالخير لقضي إليهم أجلهم أي لهلكوا وماتوا. فالاستعجال بمعنى التعجيل. ويدخل في دعاء الإنسان بالشر قول النضر بن الحارث العبدريٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } الأنفال32. وممن فسر الآية الكريمة بما ذكرنا ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وهو أصح التفسيرين لدلالة آية يونس عليه. الوجه الثاني في تفسير الآية - أن الإنسان كما يدعو بالخير فيسأل الله الجنة، والسلامة من النار، ومن عذاب القبر، كذلك قد يدعو بالشر فيسأل الله أن ييسر له الزنى بمعشوقته، أو قتل مسلم هو عدو له ونحو ذلك. ومن هذا القبيل قول ابن جامع-
أطوف بالبيت فيمن يطوف وأرفع من مئزري المسبل وأسجد بالليل حتى الصباح وأتلو من المحكم المنزل عسى فارج الهم عن يوسف يسخر لي ربة المحمل