- قوله: { يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ * قُمِ ٱلَّيلَ } إلى قوله { وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً }. معناه: يا أيها الملتف بثيابه، يعني النبي - صلى الله عليه وسلم -. وأصله: المتزمل ثم أدغمت التاء في [الزاي]. قال قتادة: إنما قيل له: { يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ }؛ لأنه كان متزملاً في ثيابه، كأنه متأهب للصلاة؛ ودل على ذلك قوله: { قُمِ ٱلَّيلَ إِلاَّ قَلِيلاً }. قال ابن عباس: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يَفْرقَ من جبريل فيتزمل بالثياب في أول ما جاءه حتى أنس به. وقال عكرمة: زمل هذا الأمر، يعني: النبوة والرسالة. قال: الزهري: التف النبي - صلى الله عليه وسلم - بثيابه من [فزع] أصابه أول ما رأى الملك فنودي بصفة فعله. وقيل: كان يتزمل بالثياب، من شدة ما يلقى من قريش من تكذيبهم له [وتخويفهم] وأَذاَهُم. قال [النخعي] كان متزملاً في قطيفة. - وقوله: { قُمِ ٱلَّيلَ إِلاَّ قَلِيلاً / }. أي: قم الليل كله للصلاة إلا قليلاً ثم أبدل من الليل بدل البعض من الكل فقال: - { نِّصْفَهُ أَوِ ٱنقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً }. أي: قم نصفه أو أقل من النصف. - { أَوْ زِدْ عَلَيْهِ... }. [أي]: أو زد على النصف. فهذا كله تخيير من الله لرسوله بين أن يفعل ما شاء من هذه الثلاث المنازل: يقوم النصف أو أقل أو أكثر. وكان هذا فرضاً عليه وعلى المؤمنين فكانوا يقومون ثم خففه عنهم الآيتين في آخر السورة فَفَسَخَتَا هَذَا، وهو قول أكثر العلماء. وقيل: إن ذلك كان ندباً ولم يكن فَرِْضاً. وقيل: بل كان فرضاً على النبي - صلى الله عليه وسلم - وحده. قال ابن عباس: كان بين أولها وآخرها سنة. وقالت عائشة رضي الله عنها: لما نزل { يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ } كان الرجل يربط الحبل ويتعلق به فمكثوا بذلك ثمانية أشهر، فرأى الله ما يبتغون من رضوانه فرحمهم فردهم إلى الفريضة وترك قيام الليل. وقال ابن جبير: مكث النبي - صلى الله عليه وسلم - يقوم الليل كما أمره (الله) عشر سنين ثم خفف عنهم بعد ذلك. قال عكرمة: { قُمِ ٱلَّيلَ إِلاَّ قَلِيلاً... } الآية نسختها الآية التي في آخرها{ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَٱقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلْقُرْآنِ } [المزمل: 20]. وقال قتادة: قاموا حولاً أو حولين حتى انتفخت سوقهم وأقدامهم، فأنزل الله تخفيفها في آخر السورة. قال الحسن: لما نزلت: { يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ } " قام المسلمون حولاً، فمنهم من أطاقه ومنهم من لم يطقه، حتى نزلت الرخصة ". قال ابن زيد: أول ما افترض الله على رسوله والمؤمنين صلاة الليل وقرأ أول هذه السورة. - قوله: { وَرَتِّلِ ٱلْقُرْآنَ تَرْتِيلاً... }. أي: وبيّن القرآن إذا قرأته في صلاتك تبييناً (وترسل فيه ترسلاً)، قاله قتادة.