الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ نَطْوِي ٱلسَّمَآءَ كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ }

العامل في { يَوْمَ نَطْوِى } لا يحزنهم. أو الفزع. أو تتلقاهم. وقرىء «تطوى السماء» على البناء للمفعول و { ٱلسّجِلّ } بوزن العتلّ والسجل بلفظ الدلو. وروي فيه الكسر وهو الصحيفة، أي كما يطوى الطومار للكتابة، أي ليكتب فيه، أو لما يكتب فيه لأن الكتاب أصله المصدر كالبناء ثم يوقع على المكتوب، ومن جمع فمعناه للمكتوبات، أي لما يكتب فيه من المعاني الكثيرة. وقيل { ٱلسّجِلّ } ملك يطوي كتب بني آدم إذا رفعت إليه. وقيل كاتب كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم. والكتاب - على هذا - اسم الصحيفة المكتوب فيها { أَوَّلَ خَلْقٍ } مفعول نعيد الذي يفسره { نُّعِيدُهُ } والكاف مكفوفة بما. والمعنى نعيد أوّل الخلق كما بدأناه، تشبيها للإعادة بالإبداء في تناول القدرة لهما على السواء فإن قلت وما أول الخلق حتى يعيده كما بدأه؟ قلت أوّله إيجاده عن العدم، فكما أوجده أولا عن عدم، يعيده ثانياً عن عدم فإن قلت ما بال { خَلْقٍ } منكراً؟ قلت هو كقولك هو أوّل رجل جاءني، تريد أوّل الرجال، ولكنك وحدته ونكرته إرادة تفصيلهم رجلاً رجلاً، فكذلك معنى { أَوَّلَ خَلْقٍ } أوّل الخلق، بمعنى أوّل الخلائق، لأن الخلق مصدر لا يجمع. ووجه آخر، وهو أن ينتصب الكاف بفعل مضمر يفسره { نُّعِيدُهُ } وما موصولة، أي نعيد مثل الذي بدأناه نعيده. وأول خلق ظرف لبدأنا، أي أوّل ما خلق، أو حال من ضمير الموصول الساقط من اللفظ، الثابت في المعنى { وَعْداً } مصدر مؤكد، لأنّ قوله { نُّعِيدُهُ } عدة للإعادة { إِنَّا كُنَّا فَـٰعِلِينَ } أي قادرين على أن نفعل ذلك.