الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَآءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ ٱلْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهَا وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ } * { قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُواْ بِهَا كَافِرِينَ }

فيه عشر مسائل: الأُولىٰ روى البخاريّ ومسلم وغيرهما ـ واللفظ للبخاريّ ـ عن أنَس قال: " قال رجل يا نبيّ الله من أَبِي؟ قال: «أبوك فلان» " قال فنزلت { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَآءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ } الآية. وخرّج أيضاً عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: " «فواللَّهِ لا تسألوني عن شيء إلاَّ أخبرتكم به ما دمت في مقامي هذا» فقام إليه رجل فقال: أين مدخلي يا رسول الله؟ قال: «النار». فقام عبد الله بن حذافة فقال: من أبِي يا رسول الله فقال: «أبوك حُذَافة» " وذكر الحديث قال ابن عبد البر: عبد الله بن حُذَافة أسلم قديماً، وهاجر إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية، وشهد بَدْراً وكانت فيه دُعَابة، وكان رسولَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسله إلى كسرى بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما قال من أبي يا رسول الله قال: " «أَبوكَ حُذافة» قالت له أُمُّه: ما سمعتُ بابن أعقّ منك آمنتَ أن تكون أُمك قَارَفْت ما يُقارِف نساء الجاهلية فتفضحها على أعين الناس " !. فقال: والله لو ألحقنى بعبد أسود للحقت به. وروى الترمذيّ والدَّارَقُطْنِيّ " عن عليّ رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية { وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً } [آل عمران: 97] قالوا: يا رسول الله أفي كلّ عام؟ فسكت، فقالوا: أفي كلّ عام؟ قال: «لا ولو قلتُ نعم لَوَجَبَت» " فأنزل الله تعالىٰ: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَآءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ } إلى آخر الآية. واللفظ للدَّارَقُطْنِيّ سِئل البخاريّ عن هذا الحديث فقال: هو حديث حسن إلاَّ أنه مُرسَل أبو البَخْتَرِيّ لم يُدرك علياً، واسمه سعيد. وأخرجه الدَّارَقُطْنِيّ أيضاً عن أبي عِياض " عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يأيها الناس كتب عليكم الحج» فقام رجل فقال: في كل عام يا رسول الله؟ فأعرض عنه، ثم عاد فقال: في كل عام يا رسول الله؟ فقال: «ومن القائل» قالوا: فلان قال: «والذي نفسي بيده لو قلت نَعَم لَوَجَبت ولو وَجَبت ما أطقتموها ولو لم تُطيقوها لكفَرتم» فأنزل الله تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَآءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ } الآية " وقال الحسن البصري في هذه الآية: سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن أمور الجاهلية التي عفا الله عنها، ولا وجه للسؤال عما عفا الله عنه. ورَوى مجاهد عن ابن عباس أنها نزلت في قوم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البَحِيرة والسَّائبة والوَصِيلة والحَام وهو قول سعيد بن جُبَير وقال: ألا ترى أن بعده

السابقالتالي
2 3 4