{ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء } نزلت في حاطب ابن أبي بلتعة لمَّا كتب إلى مشركي مكَّة يُنذرهم برسول الله صلى الله عليه وسلم حين أراد الخروج إليهم { تلقون إليهم بالمودة } أَيْ: تُلقون إليهم أخبار النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وسرَّه بالمودة التي بينكم وبينهم { وقد كفروا } أَي: وحالهم أنَّهم كافرون { بما جاءكم من الحق } دين الإِسلام والقرآن { يخرجون الرسول وإياكم } أيُّها المؤمنون من مكَّة { أن تؤمنوا } لأن آمنتم { بالله ربكم إن كنتم خرجتم } من مكَّة { جهاداً } للجهاد { في سبيلي وابتغاء مرضاتي } وجواب هذا الشَّرط متقدِّم وهو قوله: { لا تتخذوا عدوي } أي: لا تتَّخذوهم أولياء إن كنتم تبتغون مرضاتي، وقوله: { تسرون إليهم بالمودة } كقوله: { تُلقون إليهم بالمودَّة } { وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم } وذلك أنَّ الله أطلع نبيَّه عليه السَّلام على مكاتبة حاطبٍ للمشركين حتى استردَّ الكتاب ممَّن دفعه إليه ليوصله إليهم { ومن يفعله منكم } أي: الإسرار إليهم { فقد ضلَّ سواء السبيل } أخطأ طريق الدِّين، ثمَّ أعلم أنَّه ليس ينفعهم ذلك عند المشركين، فقال: { إن يثقفوكم } أَيْ: يلقوكم ويظفروا بكم { يكونوا لكم أعداءً ويبسطوا إليكم أيديهم } بالضَّرب والقتل { وألسنتهم بالسّوء } أي: الشَّتم { وودوا لو تكفرون } فلا تُناصِحوهم، فإنَّهم معكم على هذه الحالة، ثمَّ أخبر أنَّ أهلهم وأولادهم الذين لأجلهم يُناصحون المشركين لا ينفعونهم شيئاً في القيامة، فقال: { لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم } المشركون { يوم القيامة يفصل بينكم } فيدخل المؤمنون الجنَّة، والكافرون النَّار، ثمَّ أمرَ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بأصحاب إبراهيم عليه السَّلام، فقال: { قد كانت لكم أسوة حسنة }.