الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ ٱلْفِيلِ }

{ الم تر كيف فعل ربك باصحاب الفيل } الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والهمزة لتقرير رؤيته بانكار عدمها وكيف معلقة لفعل الرؤية منصوبة بما بعدها والرؤية علمية لأن النبى عليه السلام ولد عام الفيل ولم يرهم والمراد باصحاب الفيل ابرهة وقومه وبالفيل هو الفيل الاعظم الذى اسمه محمود وكنيته ابو العباس كما سيجئ ونسبوا اليه لأنه كان مقدمهم والمعنى الم تعلم علما رصينا متاخما للمشاهدة والعيان باستماع الاخبار المتواترة ومعاينة الآثار الظاهرة وتعليق الرؤية بكيفية فعله تعالى لا بنفسه بان يقال الم تر ما فعل ربك الخ لتهويل الحادثة والايذان بوقعوها على كيفية هائلة وهيئات عجيبة دالة على عظم قدرة الله وكمال علمه وحكمته وعزة بيته وشرف رسوله فان ذلك من الارهاصات والارهاص ان يتقدم على دعوى النبوة ما يشبه المعجزة تأسيسا لها ومقدمة كاظلال الغمام له عليه السلام وتكلم الحجر والمدر معه قال بعضهم الارهاص الترصد سميت الامور الغريبة التى وقعت للنبى عليه السلام ارهاصات لأن كلا منها مما يترصد بمشاهدته نبوته فالارهاص انما يكون بعد وجود النبى وقبل مبعثه وفى كلام بعضهم ان الارهاص يكون قبل وجوده ايضا قريبا من عهده كما دل عليه قصة الفيل ورجحوا الاول فان قيل اتحاد السنة بان يكون وقوع القصة عام المولد امر اتفاقى لا يمنع عن كون الواقعة لتعظيم الكعبة قلنا شرفها ايضا بشرف مكانه عليه السلام ألا يرى أنه تعالى كيف قيد الاقسام بالبلد بحلوله عليه السلام فيه حيث قال لا اقسم بهذا البلد وانت حل بهذا البلد قال فى فتح الرحمن كان هذا عام مولد النبى عليه السلام فى نصف المحرم وولد عليه السلام فى شهر ربيع الاول فبين الفيل ومولده الشريف خمس وخمسون ليلة وهى سنة ستة آلاف ومائة وثلاث وستين من هبوط آدم على حكم التواريخ اليونانية المعتمدة عند المؤرخين وبين قصة الفيل والهجرة الشريفة النبوية ثلاث وخمسون سنة والمقصود من تذكير القصة اما تسلية النبى عليه السلام بأنه سيجزى من يظلمه كما جزى من قصد الكعبة واما تهديد الظلمة وتفصيلها أن ملك حمير وما حولها وهو ذو نواس اليهودى لما احرق المؤمنين بنار الاخدود ذات الوقود على ما سبق فى سورة البروج هرب رجل منهم الى ملك الحبشة وهو اصخمة بن بحر النجاشى تخفيف الياء الذى اسلم فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم واخبره بذلك وحرضه على قتال ذى نواس فبعث اصخمة سبعين ألفا من الحبشة الى اليمن وامر عليهم ارباطا ومعه فى جنده فى جنده ابرهة بن الصباح الاشرم ومعنى ابرهة بلسان الحبشة الابيض الوجه وسيجئ معنى الاشرم فركبوا البحر حتى نزلوا ساحلا مما يلى الارض اليمن وهزم ارباط ذا نواس وقتله فى المعركة او القى هو نفسه فى البحر فهلك واستقر امر ارباط فى ارض اليمن زمانا واقام فيها سنين فى سلطانه ذلك ثم نازعه ابرهة فى امر الحبشة فكان من امرآء الجند فتفرقت الحبشة فرقتين فرقة مع ارباط وفرقة مع ابرهة فكان الامر على ذلك الى ان سار احدهما الى الآخر فلما تقارب الفرقتان للقتال ارسل ابرهة الى ارباط أنك لا تفعل شيأ بان تغرى الحبشة بعضها ببعض حتى تفينها فابرز لى وابرز لك فأينا اصاب صاحبه انصرف اليه جنده فارسل اليه ارباط ان قد انصفت فاخرج فخرج اليه ابرهة كنيته ابو يكسون وكان رجلا قصير الجثمان لحيما ذا دين فى النصرانية وخرج اليه ارباط وكان رجلا طويلا عظيما وفى يده حربة وخلف ابرهة غلام يقال له عتودة يمنع ظهره فرفع ارباط الحربة فضرب ابرهة يريد يافوخه فوقعت الحربة على جبهة ابرهة فشرمت حاجبه وانفه وعينه وشفتيه اى شقت وقطعت وخدشت فبذلك سمى ابرهة الاشرم وحمل عتودة على ارباط من خلف ابرهة فقتله وانصرف جند ارباط الى ابرهة فاجتمعت عليه الحبشة فى اليمن بلا منازع وكان ما صنع ابرهة من غير علم النجاشى فلما بلغه ذلك غضب غضبا شيديدا فقال عدا على اميرى فقتله بغير امرى ثم حلف لا يدع ابرهة حتى يطأ بلاده ويجز ناصيته فلما بلغ هذا الخبر ابرهة حلق رأسه وملأ جرابا ترابا من تراب اليمن ثم بعث به الى النجاشى مع هدايا جليلة كثيرة وكتب اليه ايها الملك انما كان ارباط عبدك وانا عبدك فاختلفنا فى امرك وكل طاعة لك الا انى كنت اقوى على امر الحبشة واضبط له واسوس منه وقد حلقت رأسى حين بلغنى قسم الملك وبعثت اليه بجراب تراب من ارضى ليضعه تحت قدميه فيبر قسمه فى فلما وصل كتاب ابرهة الى النجاشى لان ورضى عنه وكتب اليه ان اثبت بارض اليمن حتى يأتيك امرى فأقام ابرهة باليمن ثم انه رأى الناس يتجهزون ايام الموسم الى مكة لحج بيت الله الحرام فتحرك منه عرق الحسد فبنى بصنعاء كنيسة من رخام ملون وفى بعض التفاسير ودرو ديوار آنرا بزر وجواهر مرصع ومزين كردانيد.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8