الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِيۤ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمآ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ }

{ قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِيۤ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمآ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } روى الإمام أحمد عن عائشة قالت: الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات. لقد جاءت المجادلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تكلمه، وأنا في ناحية البيت، ما أسمع ما تقول! فأنزل الله عز وجل { قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ... } إلى آخر الآية. ورواه البخاريّ معلقاً. وفي رواية لابن أبي حاتم عن عائشة أنها قالت: تبارك الذي أوعى سمعه كل شيء. إني أسمع كلام خولة بنت ثعلبة، ويخفى عليّ بعضه، وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي تقول: يا رسول الله، أكل شبابي، ونثرت له بطني، حتى إذا كبرت سنّي، وانقطع ولدي، ظاهر مني اللهم إني أشكو إليك. قالت: فما برحت، حتى نزل جبريل بهذه الآية { قَدْ سَمِعَ... } إلخ. قال ابن كثير: ويقال فيها: خولة بنت مالك بن ثعلبة، وقد تصغر فيقال (خويلة)، ولا منافاة بين هذه الأقوال، فالأمر فيها قريب.

وفي (العناية): المراد من قوله: { قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ } إلخ قَبِل قولَها وأجابه. كما في: سمع الله لمن حمده، مجازاً بعلاقة السببية أو كناية. انتهى.

وقوله: { وَتَشْتَكِيۤ إِلَى ٱللَّهِ } أي: تشتكي المجادِلة ما لديها من الهم، بظهار زوجها منها، إلى الله، وتسأله الفرج.

ومعنى { تَحَاوُرَكُمآ } ترجيعكما الكلام في هذه النازلة. وذلك أن الظهار كان طلاق الرجل امرأته في الجاهلية، فإذا تكلم به لم يرجع إلى امرأته أبداً. وقد طمعت المشتكية أن يكون غير قاطع علقة النكاح، والنبيّ صلى الله عليه وسلم لم يبت لها فيه الأمر، حتى ينزل الوحي الذي يردّ التنازع إليه. ثم أنزل تعالى فيه قوله:

{ ٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُمْ مِّن نِّسَآئِهِمْ مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ... }.