الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }

سورة النساء مدنية

مائة وخمس أو ست أو سبع وسبعون آية

مدنية أي كلها، وإن خوطب بمطلعها أهل مكة، لأن القاعدة أنه متى قيل في القرآن { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } كان خطاباً لأهل مكة، ومتى قيل { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } كان خطاباً لأهل المدينة. قوله: (وخمس أو ست) أو لتنويع الخلاف فهي مائة وسبعون جزماً والخلاف فيما زاد. قوله: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } الخطاب للمكلفين عموماً، ذكوراً وإناثاً، إنساً أو جناً، لأن لهم ما لنا وعليهم ما علينا، وليس مخصوماً بمن كان موجوداً وقت النزول، لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، قال تعالى:وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى ٱلنَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ } [الإسراء: 106].

قوله: { ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ } أي امتثلوا أوامره واجتنبوا نواهيه، ولذلك يحصل بالإسلام، فإنّ المسلم العاصي قد اتقى الشرك وهو أعظم المنهيات بالإيمان وهو أعظم المأمورات، لكن يقال لها تقوى عامة، وتقوى الخواص هي الانهماك في طاعة الله، وعدم الشغل بغيره ولو مباحاً، والآية صادقة بهذه المراتب كلها.

قوله: { ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ } تأكيد للأمر المتقدم، فالمعنى اتَّقوا الله لأنه مالككم ومربيكم، ومن أوصافه أنه خلقكم وأنشأكم من نفس واحدة، فمن كان بهذه الصفات فهو أحق بأن يتقى، لأنه لا استغناء عنه، بل كان من خلقه مفتقر إليه في كل لمحة وطرفة ولحظة، وفي ذلك إشارة إلى أن التقوى تكون في حق بعضنا بعضاً لأن أصلنا واحد، فواجب علينا اتقاء ربنا لأنه الخالق لنا، واتقاء بعضنا بعضاً لأننا كلنا من أصل واحد.

قوله: { وَخَلَقَ مِنْهَا } أي من تلك النفس الواحدة. قوله: { زَوْجَهَا } يقال في الأنثى زوج وزوجة، والأفصح الأول. قوله: (حوّاء) بالمد سميت بذلك لأنها خلقت من حي. قوله: (من ضلع من أضلاعه) أي بعد أن أخذه النوم ولا يشعر بذلك ولم يتألم، فلما استيقظ من النوم وجدها فمال إليها فأراد أن يمد يده إليها، فقالت له الملائكة معه يا آدم حتى تؤدي مهرها، قال فما مهرها؟ قالوا حتى تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، وفي رواية ثلاثة صلوات، وفي رواية سبعة عشر، وفي ذلك إشارة إلى أنه عليه الصلاة والسلام الواسطة لكل موجود حتى أبيه آدم. إن قلت: حيث كانت حواء مخلوقة من ضلع آدم فهي أخت لأولاده، فمقتضاه أنه يحل لكم يخلق منها التزوج بها في شرعه. أجيب: بأن تفرع حواء من آدم فهي أخت لأولاده، فمقتضاه أنه يحل لمن يخلق منها التزوج بها في شرعه. أجيب: بأن تفرع حواء من آدم ليس كتفرع الولد من الوالد، بل نباتها من الضلع كما تنبت النخلة من النواة، فلا يحكم عليها بأنها بنت آدم ويقال لها أخت أولاده، بل هي أمهم لا غير، واختلف هل كان خلق حزاء خارج الجنة، وبه قال جماعة، وقال ابن عباس وجماعة أنه كان دتخل الجنة، ولا مانع من كونه أخذه النوم فيها، لأن الممنوع النوم بعد دخولها يوم القيامة.

السابقالتالي
2 3