الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ ٱلْفِيلِ }

{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ ٱلْفِيلِ }؟ وكانت قصة أصحاب الفيل - على ما ذكره محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم عن سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عباس وذكره الواقدي-: أن النجاشي ملك الحبشة كان قد بعث " أرياطَ " إلى أرض اليمن فغلب عليها، فقام رجل من الحبشة يقال له: " أبرهة بن الصباح " أبو يكسوم، فساخَطَ " أرياطَ " في أمر الحبشة حتى انصدعوا صدعين وكانت طائفة مع أرياط وطائفة مع أبرهة فتزاحفا فقتل أبرهةُ أرياطَ واجتمعت الحبشة لأبرهة وغلب على اليمن وأقرَّه النجاشيُّ على عمله. ثم إن أبرهة رأى الناس يتجهزون أيام الموسم إلى مكة لحج بيت الله، فبنى كنيسة بصنعاء وكتب إلى النجاشي: إني قد بنيت لك بصنعاء كنيسة لم يُبْنَ لملِك مثلها، ولست منتهياً حتى أصرف إليها حج العرب، فسمع به رجل من بني مالك بن كنانة فخرج إليها مستخفياً فدخلها ليلاً فقعد فيها وتغوَّط بها ولطخ بالعذرة قبلتها، فبلغ ذلك أبرهة فقال: من اجترأ عليَّ ولطخ كنيستي بالعذرة؟ فقيل له: صنع ذلك رجل من العرب من أهل ذلك البيت سمع بالذي قلتَ فحلف أبرهة عند ذلك: ليسيرنَ إلى الكعبة حتى يهدمها فكتب إلى النجاشي يخبره بذلك وسأله أن يبعث إليه بفيله، وكان له فيل يقال له محمود وكان فيلاً لم ير مثله عِظَماً، وجسماً وقوة، فبعث به إليه فخرج أبرهة من الحبشة سائراً إلى مكة، وخرج معه بالفيل، فسمعت العرب بذلك فأعظموه ورأوا جهاده حقاً عليهم، فخرج ملك من ملوك اليمن يقال له: ذو نفر بمن أطاعه من قومه، فقاتله فهزمه أبرهةُ وأخذ ذا نفر، فقال: أيها الملك لا تقتلني فإن استبقائي خيراً لك من قتلي فاستحياه وأوثقه، وكان أبرهة رجلاً حليماً. ثم سار حتى إذا دنا من بلاد خَثْعَم، خرج نفيل بن حبيب الخثعمي في خثعم ومن اجتمع إليه من قبائل اليمن، فقاتلوه فهزمهم وأخذ نفيلا، فقال نفيل: أيها الملك إني دليل بأرض العرب وهاتان يداي على قومي بالسمع والطاعة فاستبقاه، وخرج معه يدله حتى إذا مرّ بالطائف خرج إليه مسعود بن معَتِّبٍ في رجال من ثقيف فقال: أيها الملك نحن عبيدك ليس لك عندنا خلاف وإنما تريد البيت الذي بمكة نحن نبعث معك من يدلُّك عليه فبعثوا معه أبا رِغَال مولىً لهم فخرج حتى إذا كان بالمُغَمَّس مات أبو رِغَال وهو الذي يرجم قبره، وبعث أبرهة من المُغَمَّس رجلاً من الحبشة يقال له: الأسود بن مسعود على مقدمة خيله وأمره بالغارة على نَعَمِ الناس، فجمع الأسود إليه أموال الحرم، وأصاب لعبد المطلب مائتي بعير.

السابقالتالي
2 3 4