الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَآءُ رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ وَطَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }

{ إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ } أي: بالعتاب والعقاب { عَلَى ٱلَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَآءُ } أي: قادرون على تحصيل الأهبة { رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ } أي: من النساء والصبيان وسائر أصناف العاجزين، أي: رضوا بالدناءة والضعة والانتظام في جملة الخوالف. قال المهايميّ: وهذا الرضا، كما هو سبب العتاب، فهو أيضاً سبب العقاب؛ لأنه لما كان عن قلة مبالاتهم بالله، غضب الله عليهم { وَطَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } أي: ما يترتب عليه من المصائب. الدينية والدنيوية أو لا يعلمون أمر الله فلا يصدقون.

لطيفة

قال الشهاب: اعلم أن قولهم: (لا سبيل عليه) معناه: لا حرج ولا عتاب، وأنه بمعنى لا عاتب يمر عليه، فضلاً عن العتاب، وإذا تعدى بـ (إلى) كقوله:
أَلا لَيْْتَ شِعْرِي هَلْ إلَى أُمِّ سَالمٍ   سبيل؟ فَأَمَّا الصبرُ عَنْهَا فَلاَ صبْرُ
فبمعنى الوصول، كما قال:
هَلْ مِنْ سَبِيلٍ إلى خَمْرٍ فَأَشْرَبَهَا   أَمْ من سبيل إلى نَصْرِ بنِ حَجَّاجِ
ونحوه، فتنبه لمواطن استعماله، فإنه من مهمات الفصاحة - انتهى.

ثم أخبر تعالى عما سيتصدون له عند القفول من تلك الغزوة، بقوله سبحانه:

{ يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُل لاَّ تَعْتَذِرُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا ٱللَّهُ... }.