الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَىٰ ٱلأُخْرَىٰ فَقَاتِلُواْ ٱلَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيۤءَ إِلَىٰ أَمْرِ ٱللَّهِ فَإِن فَآءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِٱلْعَدْلِ وَأَقْسِطُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ }

{ وَإِن طَآئِفَتَانِ } فاعل اقتتل محذوفا لا مبتدأ على الصحيح* { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ } جمع نظرا للمعنى واعتبار اللفظ ان يقال اقتتلتا كما قرا به ابن أبي عبلة وقرأ عبيد بن عمير اقتتلا بتأويل الرهطين وكما قال* { فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا } ولم يقل بينهم وكذا قال احداهما وبينهما والاصلاح بالنصح والدعاء الى حكم الله مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على حماره لعيادة سعد بن أبي عبادة في بني الحارث بن الخزرج قيل وقعة بدر واردف اسامة بن زيد خلفه وعلى الحمار قطيفة فمر على مجلس فيه عبد الله بن أبي بن سلول قبل ان يسلم ومعه مسلمون وذوو أوثان ويهود ولما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمر عبدالله على فيه بردائه وقال لا تغبروا علينا فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقف فنزل ودعاهم الى الله وقرأ القرآن فقال عبدالله أيها المرء انه لأحسن مما تقول ان كان حقا فلا تغشنا به في مجالسنا وارجع الى رحلك فمن جاءك فاقصص عليه فقال عبدالله بن رواحة يا رسول الله فاغشنا في مجالسنا فانا نحن ذلك فاستاب المشركون واليهود والمسلمون حتى كادوا يتبارزون فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يحفظهم حتى مكثوا ثم ركب دابته فنزلت الآية. وعن ابن عباس وقف صلى الله عليه وسلم على مجلس بعض الأنصار وهو على حمار فبال الحمار فامسك عبدالله بن أبي أنفه وقال خل سبيل حمارك فقد آذانا نتنه فقال عبدالله بن رواحة والله أن بول حماره أطيب من مسكك وروي حماره أطيب منك وبول حماره أطيب من مسكك ومضى صلى الله عليه وسلم وطال الخوض بينهما حتى استابا وتجالدا اي تضاربا وجاء فوقاهما وهما الأوس والخزرج وتجالدوا بالعصى وقيل بالأيدي والنعال والسعف فرجع اليهم فأصلح بينهم فنزلت وقيل نزلت فقرأها عليهم فاصطلحوا وفي رواية قيل له صلى الله عليه وسلم لو أتيت عبدالله بن أبي فانطلق اليه على حمار عليه اكاف وقطيفة ومعه المسلمون والأرض سبخة الى ان بلغه فكان ما ذكر وقال قتادة نزلت في رجلين من الانصار كانت بينهما ممارأة في حق بينهم فقال أحدهما لآخذن حقي عنوة لكثرة عشيرتي ودعاه الآخر ليحاكمه الى النبي صلى الله عليه وسلم فابى أن يتبعه وتدافعا بالأيدي والنعال وعن الحسن أحدهما منافق تعزز بقومه والمشركين والآخر مؤمن تعزز بالمسلمين وتدافعا فنزلت وقيل كانت أمرأة من الأنصار أسمها ام زيد تحت رجل ورقي بها الى علبة فحبسها فيه لشيء بينهما فجاء قومه وقومها فاقتتلوا بالأيدي والنعال فنزلت وعن بعض أن باطن الآية الروح والقلب والعقل والطبع والهوى والشهوة فان بغت هذه الثلاثة فقاتلها بسيوف المراهنة وسهام المطالعة وأنوار الموافقة حتى تغلبها الثلاثة الأولى { فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا } اي تعدت بالاستطالة والظلم واباء الصلح* { عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُواْ الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ } ترجع* { إِلَى أَمْرِ اللهِ } أي حكمة وانما أطلق الفئ علىالظل لرجوعه بعد نسخ الشمس وعلى الغيمة لرجوعها من الكفار الى المسلمين وعن أبي عمرو وحتى تفي بغير همز وقيل ان ابا عمرو يخفف الأولى من الهمزتين الملتقيتين ولطفت تلك الخلسة على الراوي فظنه قد طرحها* { فَإِن فَآءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ } وعن ابن عباس حتى يفيئوا الى امر الله فان فاءوا فخذوا بينهم بالقسط* { وَأَقْسِطُواْ } أي أعدلوا في كل الأمور* { إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } يحمدهم بحسن الجزاء قيد الاصلاح هنا بالعدل لأنه مظنة الحيف من حيث انه بعد القتال واما الاقتتال في أول الآية فهو ان تقتتلا باغيتين معا أو راكبتين شبهة وأَيتهما كان فالواجب اصلاح ذات البين بالحق والوعظ الشافي ونفي الشبهة وان اصرتا وجب القتال واما الضمان فلا يتجه وليس كذلك اذا بغت احداهما فان الضمان يتجه على الوجهين المذكورين و القسط بالكسر العدل والفعل منه أقسط كما تدل عليه الآية وهمزته للسلب أي ازال القسط بالفتح وهو الجور واصله اعوجاج في الرجلين ويقال في الفعل ايضا قسط بالفتح يقسط بالكسر والضم والقُسط بالضم رائحة وحكم الفئة الباغية وجوب قتالها ما قاتلت واذا كفت عن الحرب تركت واذا تولت عمل بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال

السابقالتالي
2 3