قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ } الآية. قرأ العامة: " الجُمُعَة " بضمتين. وقرأ عبد الله بن الزبير وزيد بن علي والأعمش وأبو حيوة وأبو عمرو في رواية بسكون الميم. فقيل: هي لغة في الأولى وسكنت تخفيفاً وهي لغة تميم. وقيل: هو مصدر بمعنى الاجتماع. وقيل: لما كان فيه معنى الفعل صار " كرجل هُزْأة " أي: يُهزأ به، فلما كان في " الجمعة " معنى التجمع أسكن؛ لأنه مفعول به في المعنى أو يشبهه، فصار كـ " هزأة " الذي يهزأ به. قاله مكي. وكذا قال أبو البقاء: هو بمعنى المجتمع فيه، مثل: رجل ضحكة، أي يضحك منه. وقال مكي: يجوز إسكان الميم إستخفافاً، وقيل: هي لغة. وقد تقدم أنها قراءة وأنها لغة تميم. وقال أبو حيان: " ولغة بفتحها لم يقرأ بها ". قال شهاب الدين: " قد نقلها أبو البقاء قراءة، فقال: ويقرأ - بفتح الميم - بمعنى الفاعل، أي: يوم المكان الجامع، مثل: رجل ضحكة، أي: كثير الضحك ". وقال مكي: " وفيه لغة ثالثة - بفتح الميم - على نسبة الفعل إليها كأنها تجمع الناس، كما يقال: " رجل لحنة " إذا كان يلحن الناس، وقرأة إذا كان يقرىء الناس " ، ونقلها قراءة أيضاً الزمخشري، إلا أن الزمخشري جعل " الجمعة " - بالسكون - هو الأصل، وبالمضموم مخففاً منه يقال: يوم الجمعة، يوم الفوج المجموع، كقولهم: " ضُحَكَة " للمضحوك منه، ويوم الجمعة - بفتح الميم - يوم الوقت الجامع، كقولهم: ضحكة ولعبة، ويوم الجمعة، كما قيل: عُسَرة في عُسْرة، وقرىء بهن جميعاً. وتقديره: يوم الوقت الجامع أحسن [من تقدير أبي البقاء يوم] المكان الجامع؛ لأن نسبة الجمع إلى الطرفين مجاز، فالأولى إبقاؤه زماناً على حاله. قال القرطبي: " وجمعها جُمع وجُمعان ". وقال ابن عبَّاس رضي الله عنهما: نزل القرآن بالتثقيل والتفخيم، فاقرأوها " جمعة " يعني بضم الميم. وقال الفرَّاء وأبو عبيد: والتخفيف أحسن وأقيس، نحو: غُرْفة وغُرَف، وطُرْفة وطُرَف وحُجرة وحُجَر وفتح الميم لغة بني عقيل. وقيل: إنها لغة النبي صلى الله عليه وسلم. فصل في الكلام على الآية فإن قيل: قال ابن الخطيب: قوله: " للصَّلاةِ " ، أي: لوقت الصلاة، بدليل قوله: { مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ } ولا تكون الصلاة من اليوم وإنما يكون وقتها من اليوم. فالجواب: روى سلمان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنَّمَا سُمِّيتْ جُمعَةً لأنَّ اللَّهَ جَمَعَ فِيهَا خلقَ آدَمَ " وقيل: لأن الله - تعالى - فرغ فيها من خلق كل شيء فاجتمع فيها جميع المخلوقات.