الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ فَٱسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ وَذَرُواْ ٱلْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }

قوله تعالى: { إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ } يعني: النداء الثاني إذا جلس الإمام على المنبر { مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ } وقرأتُ لعبد الوارث عن أبي عمرو: " الجُمْعَة " بسكون الميم، واسمه: " عروبة " في اللغة القديمة.

ويقال: أول من سَمّاه الجمعة: كعب [بن] لؤي.

{ فَٱسْعَوْاْ إِلَىٰ } قال البخاري في صحيحه: قرأ عمر: " فامضوا ".

قلتُ: [وهي] قراءة ابن مسعود، وكان يقول: لو قرأتها " فاسْعَوْا " لسعيت حتى يسقط ردائي.

والمراد بالسَّعْي: المشي.

قال عطاء: هو الذهاب والمشي إلى الصلاة.

وقال عكرمة والضحاك: " فاسعوا " أي: اعملوا، على معنى: اعملوا على المضي إلى ذكر الله، وذلك بتعاطي أسبابه المؤدية إليه.

وقال الحسن: أما والله ما هو بالسعي على الأقدام، فقد نُهوا أن يأتوا المسجد إلا وعليهم السكينة والوقار، ولكن [بالقلوب] والنية والخشوع. ونحوه عن قتادة.

والمعني بذكر الله: الخطبة والصلاة.

{ وَذَرُواْ ٱلْبَيْعَ } أي: دعوا التجارة في ذلك الوقت.

وشدّد في ذلك الإمام أحمد رضي الله عنه فقال: لو باع لم يصح البيع. وهو قول مالك.

فصل

تجبُ الجمعة على من سمع النداء من أهل المصر، إذا كان المؤذن صَيِّتاً والريح ساكنة. وحَدَّه مالك بفرسخ، ولم يَحُدّه الشافعي.

وعن الإمام أحمد كالمذهبين.

وتجب الجمعة على أهل القرى.

وقال أبو حنيفة: لا تجب إلا على [أهل] الأمصار.

ولا تنعقد الجمعة بأقل من أربعين، في أصح الروايات عن الإمام أحمد. والرواية الأخرى: خمسون، والرواية الثالثة: ثلاثة.

وفي وجوب الجمعة على العبد روايتان:

[إحداهما]: لا تجب. وهو قول الأكثرين.

والثانية: تجب، وهو قول الحسن وقتادة.

وتجب على الأعمى إذا وجد قائداً، خلافاً لأبي حنيفة.

وهل من شرطها إذن الإمام؟ على روايتين.

وتجوز إقامة الجمعة في موضعين من البلد فصاعداً عند الحاجة، خلافاً لمالك والشافعي [وأبي يوسف.

ويجوز إقامتها قبل الزوال، خلافاً لأكثرهم.

وإذا وقع العيد في يوم الجمعة فاجتزأ بالعيد وصلى الجمعة ظهراً جاز، إلا الإمام، وبه قال الشعبي والنخعي، خلافاً لأكثرهم.

والخطبةُ شرطٌ في الجمعة، خلافاً لداود. والطهارة فيها مستحبة، خلافاً لأحد قولي الشافعي، والقيام ليس بشرط في الخطبة خلافاً للشافعي].

ولا يجب القعود بين الخطبتين، خلافاً له أيضاً.

والخطبتان واجبتان، ومن شرطهما: التحميد، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وقراءة آية، والموعظة.

وقال أبو حنيفة: إن اقتصر الخطيب على قول: الحمد لله، أو سبحان الله: جاز.

ويُسنّ للإمام إذا صعد المنبر أن يُسلّم على الناس، خلافاً لأبي حنيفة ومالك.

فصل: في فضيلة الجمعة

قرأتُ على أبي المجد محمد بن الحسين، أخبركم أبو منصور محمد بن أسعد فأقرَّ به قال: حدثنا أبو محمد الحسين بن مسعود، أخبرنا عبدالواحد بن أحمد، أخبرنا أبو منصور السمعاني، حدثنا أبو جعفر الرياني، حدثنا حميد بن زنجويه، حدثنا النضر بن شميل، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خيرُ يوم طلعت فيه الشمس يومُ الجمعة، فيه خُلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أهبط منها، وفيه تقوم الساعة، وفيه ساعة لا يوافقها [مسلم] يصلي، يسأل الله فيها خيراً إلا أعطاه إياه، وقال بيده يُقلِّلُها، فقال عبد الله بن سلام: قد علمت أية ساعة هي، هي آخر ساعات الجمعة، هي الساعة التي خلق الله فيها آدم.

السابقالتالي
2 3 4