الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير النسائي/ النسائي (ت 303 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَزَهَقَ ٱلْبَاطِلُ إِنَّ ٱلْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً }

قوله تعالى: { جَآءَ ٱلْحَقُّ وَزَهَقَ ٱلْبَاطِلُ } [81] 317- أنا عبيد الله بن سعيد، نا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن أبي معمر، عن عبد الله، قال: " دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم [مكة] وحول البيت ثلاثمائة وستون صنماً، فجعل يطعن بعود في يده، ويقول: { جَآءَ ٱلْحَقُّ وَزَهَقَ ٱلْبَاطِلُ إِنَّ ٱلْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً } ، و { جَآءَ ٱلْحَقُّ وَمَا يُبْدِىءُ ٱلْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ } [سبأ: 49] ". 318- أنا أحمد بن سليمان، نا زيد بن الحُباب، نا سليمان بن المغيرة قال: وحدثني سلام بن مسكين بن ربيعة النمري، عن ثابت البُناني، عن عبد الله بن رباح الأنصاري، قال: وفدنا إلى معاوية بن أبي سفيان ومعنا أبو هريرة - وذلك في شهر رمضان - فكان أبو هريرة يدعو كثيراً/ إلى رحلِهِ، فقلت لأهلي: اجعلوا لنا طعاما ففعلوا، فلقيت ابا هريرة بالعشيِّ فقلت: الدعوة عندي الليلة، فقال: لقد سبقتني إليها، فقلت: أجل، قال: فجاءنا، فقال: يا معشر الأنصار، ألا أعلمكم بحديث من حديثكم؟ قال: " لما فتح رسول الله صل الله عليه وسلم مكة استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم الزُّبير بن العوَّام على إحدى المُجنَّبتين، وخالد بن الوليد على الأخرى، قال: فبَصُر بي رسول الله صلى اله عليه وسلم في كَبكبة فهتف بي، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: " اهتف لي بالأنصار " فهتفت بهم، فطافوا برسول الله صلى الله عليه وسلم كأنهم كانوا على ميعاد، قال: " يا معشر الأنصار، إن قريشاً قد جمعوا لنا، فإذا لقيتموهم فاحصدوهم حصداً، حتى تُوافوني بالصَّفا. الصَّفا ميعادكم " قال أبو هريرة: فما لقينا منهم أحداً إلا فعلنا به كذا وكذا، وجاء أبو سفيان فقال: يا رسول الله أبَحتَ خضراء قُريش، لا قريش بعد اليوم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أغلق بابه فو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن " ولجأت صناديد قريش وعظماؤها إلى الكعبة - يعني: دخلوا فيها - قال: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طاف بالبيت فجعل يمر بتلك الأصنام فيطعنها بسية القوس ويقول: { جَآءَ ٱلْحَقُّ وَزَهَقَ ٱلْبَاطِلُ إِنَّ ٱلْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً } حتى إذا فرغ وصلى جاء فأخذ بعضادتي الباب، ثم قال: " يا معشر قريش، ما تقولون؟ " قالوا: نقول ابنُ أخٍ وابن عمِّ رحيمٌ كريمٌ، ثم عاد عليهم القول، قالوا: مثل ذلك. قال: " فإني أقول كما قال أخي يوسف: { لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ يَغْفِرُ ٱللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ } [يوسف: 92] " فخرجوا، فبايعوه على الإسلام، ثم أتى الصَّفا لميعاد/ الأنصار، فقام على الصَّفا على مكان يرى البيت منه، فحمد الله وأثنى عليه، وذكر نصره إياه، فقالت الأنصار - وهم أسفل منه: أمَّا الرجل فقد أدركته رأفةٌ لقرابته، ورغبته في عشيرته. فجاءه الوحي بذلك. قال أبو هريرة: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاءه الوحي لم يستطع أحد منا يرفع طرفه إليه حتى ينقضي الوحي عنه. فلما قُضيَ الوحي قال: " هيه يا معشر الأنصار، قلتم أما الرجل فأدركته رأفة بقرابته، ورغبةٌ في عشيرته، والله إني لرسول الله، لقد هاجرت إلى الله ثم إليكم، المحيا محياكم، والممات مماتكم " قال أبو هريرة: فرأيت الشيوخ يبكون حتى بل الدموع لِحَاهم، ثم قالوا: معذرة إلى الله ورسوله. والله ما قلنا الذي قلنا لاَضَنّاً بالله وبرسوله. قال: " فإن الله قد صدقكم ورسوله، وقبل قولكم " ".