الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَىٰ قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ }

قوله عز وجل { كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ } يعني يقووا حتى يقدروا على الظفر بكم. وفي الكلام محذوف وتقديره: كيف يكون لهم عهد وإن يظهروا عليكم.

{ لاَ يرْقُبُوْ فِيكُمْ } فيه وجهان:

أحدهما: لا يخافوا: قاله السدي.

الثاني: لا يراعوا.

{ إِلأَ وَلاَ ذِمَّةً } وفي الإلّ سبعة تأويلات.

أحدها: أنه العهد، وهوقول ابن زيد.

والثاني: أنه اسم الله تعالى، قاله مجاهد، ويكون معناه لا يرقبون الله فيكم.

والثالث: أنه الحلف، وهو قول قتادة.

والرابع: أن الإل اليمين، والذمة العهد، قاله أبو عبيدة، ومنه قول ابن مقبل:

أفسد الناس خلوف خلفوا   قطعوا الإلَّ وأعراق الرَّحِم
والخامس: أنه الجوار، قاله الحسن.

والسادس: أنه القرابة، قاله ابن عباس والسدي، ومنه قول حسان:

وأُقسم إن إلَّك من قريش   كإل السّقْبِ من رَأل النعام
والسابع: أن الإل العهد والعقد والميثاق واليمين، وأن الذمة في هذا الموضع التذمم ممن لا عهد له، قاله بعض البصريين.

{ وَلاَ ذِمَّةً } فيها ثلاثة أوجه:

أحدها: الجوار، قاله ابن بحر.

الثاني: أنه التذمم ممن لا عهد له، قاله بعض البصريين.

والثالث: أنه العهد وهو قول أبي عبيدة.

{ يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ } يحتمل ثلاثة أوجه:

أحدها: يرضونك بأفواههم في الوفاء وتأبى قلوبهم إلا الغدر.

والثاني: يرضونكم بأفواههم في الطاعة وتأبى قلوبهم إلا المعصية.

والثالث: يرضونكم بأفواهم في الوعد بالإيمان وتأبى قلوبهم إلا الشرك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يرضيه من المشركين إلا بالإيمان.

{ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ } فيه وجهان:

أحدهما: في نقض العهد وإن كان جميعهم بالشرك فاسقاً.

والثاني: وأكثرهم فاسق في دينه وإن كان كل دينهم فسقاً.