الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعْساً لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ }

قوله: { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ }: يجوز أَنْ يكونَ مبتدأً، والخبرُ محذوفٌ. تقديره: فَتَعِسُوا وأُتْعِسُوا، يَدُلُّ عليه " فَتَعْساً " فتعساً منصوبٌ بالخبرِ. ودَخَلَتِ الفاءُ تشبيهاً للمبتدأ بالشرط. وقدَّرَ الزمخشري الفعلَ الناصبَ لـ " تَعْساً " فقال: " لأنَّ المعنى: فقال تعساً أي: فقضى تَعْساً لهم ". قال الشيخ: " وإضمارُ ما هو من لفظِ المصدر أَوْلَى ". والثاني: أنه منصوبٌ بفعلٍ مقدر يُفَسِّره " فتَعْساً لهم " كما تقول: زيداً جَدْعاً له، كذا قال الشيخ تابِعاً للزمخشريِّ. وهذا لا يجوزُ لأنَّ " لهم " لا يتعلَّقُ بـ " تَعْساً " ، إنما هو متعلقٌ بمحذوفٍ لأنَّه بيانٌ أي: أعني لهم: وقد تقدَّم تحقيقُ هذا والاستدلالُ عليه. فإنْ عَنَيا إضماراً مِنْ حيث مطلقُ الدلالةِ لا من جهةِ الاشتغالِ فَمُسَلَّمٌ، ولكنْ تَأْباه عبارتُهما وهي قولُهما: منصوبٌ بفعلٍ مضمرٍ يُفَسره " فَتَعْساً لهم " ، و " أَضَلَّ " عطفٌ على ذلك الفعل المقدرِ أي: أتعسَهُم وأضلَّ أعمالهم. والتَّعْسُ: ضدُّ السَّعْدِ يقال: تَعَسَ الرجلُ بالفتح تَعْساً وأَتْعَسَهَ اللَّهُ. قال مجمِّع:
4053 ـ تقولُ وقد أَفْرَدْتُها مِنْ حَليلِها   تَعِسْتَ كما أَتْعَسْتَني يا مُجَمِّعُ
وقيل: تعِس بالكسرِ، عن أبي الهيثم وشَمِر وغيرِهما. وعن أبي عبيدة: تَعَسَه وأَتْعَسَه متعدِّيان فهما مما اتَّفَق فيهما فَعَل وأَفْعَل وقيل: التَّعْسُ ضدُّ الانتعاش. قال الزمخشري: " وتَعْساً له نقيض لَعَا له " يعني أنَّ كلمةَ " لَعا " بمعنى انتعش. قال الأعشى:
4054 ـ بذاتِ لَوْثٍ عَفَرْناةٍ، إذا عَثَرَتْ   فالتَّعْسُ أَدْنى لها مِنْ أَنْ أقولَ لَعَا
وقيل: التَّعْسُ الهَلاك. وقيل: التَّعْسُ الجَرُّ على الوجهِ، والنَّكْسُ الجرُّ على الرأس.