الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ مَّآ أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً }

{ مَا أَصَابَكَ } يا إنسان. { مِنْ حَسَنَةٍ } من نعمة. { فَمِنَ ٱللَّهِ } أي تفضلاً منه، فإن كل ما يفعله الإِنسان من الطاعة لا يكافىء نعمة الوجود، فكيف يقتضي غيره، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: " ما يدخل أحد الجنة إلا برحمة الله تعالى. قيل ولا أنت قال: ولا أنا " { وَمَا أَصَـابَكَ مِن سَيّئَةٍ } من بلية. { فَمِن نَّفْسِكَ } لأنها السبب فيها لاستجلابها بالمعاصي، وهو لا ينافي قوله سبحانه وتعالى: { قُلْ كُلٌّ مّنْ عِندِ ٱللَّهِ } فإن الكل منه إيجاداً وإيصالاً غير أن الحسنة إحسان وامتنان والسيئة مجازاة وانتقام كما قالت عائشة رضي الله تعالى عنها " ما من مسلم يصيبه وصب ولا نصب حتى الشوكة يشاكها وحتى انقطاع شسع نعله إلا بذنب وما يعفو الله أكثر " والآيتان كما ترى لا حجة فيهما لنا وللمعتزلة. { وَأَرْسَلْنَـٰكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً } حال قصد بها التأكيد إن علق الجار بالفعل والتعميم إن علق بها أي رسولاً للناس جميعاً كقوله تعالى:وَمَا أَرْسَلْنَـٰكَ إِلاَّ كَافَّةً لّلنَّاسِ } [سبأ: 28] ويجوز نصبه على المصدر كقوله: ولا خَارِجاً مِنْ فيَّ زُور كَلاَمِ. { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً } على رسالتك بنصب المعجزات.