الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ ٱلْحَقُّ وَلَهُ ٱلْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْخَبِيرُ }

{ وهُو الذِى خَلق السَّماوات والأرْض بالحقِّ } أى قائما بالحق، فقائما حال، أو إقامة بالحق، فإقامة مفعول لأجله، أو الباء بمعنى اللام متعلق بمفعول لأجله، أى إظهاراً للحق، ولا واجب على الله، وتصرفه فى الخلق حق على الإطلاق، وقال المعتزلة معنى كونه حقاً أنه على وفق المصالح، وزعموا أنه تجب مصلحة العبد على الله ويجوز أن يكون الحق بمعنى كمال القدرة وإحكام الصنعة، فتعلق بخلق، وتم مقول قل فى قوله بالحق. { ويَومَ يقُول كنْ فيكونُ قولُه الحقُّ } يوم متعلق بمحذوف وجوبا خبر مقدم، وقوله مبتدأ مؤخر، أى قوله الحق ثابت يوم يقول كن فيكون، ويوم بمعنى مطلق الزمان لا مقابل الليل ولا مجموع الليل والنهار، والنعت للمدح، فإن قوله أبدا حق أو للكشف لذلك، كقولك الجسم الآخذ حيزاً مركب، فإن الجسم أبدا آخذ حيزا، واسم الزمان يكون خبراً للمعانى، والقول معنى، وليس اليوم يوم القيامة، بل كل زمان يوم القيامة وغيره، وإن شئت قدرت الكون خاصاً، أى قوله الحق نافذ يوم يقول بما يشاء كن فيكون، وليس ذلك احترازاً عن يوم لا ينفذ فيه قوله، لأنه لا يصح ذلك، لأن قوله لا يكون إلا نافذاً قبل وجود الزمان وبعد وجوده، وكأنه قال قوله الحق نافذ كل وقت يقول كن فيكون، وهذه الجملة الاسمية معطوفة على قوله { هو الذى خلق السماوات والأرض بالحق } وكن مجاز عن سرعة التكوين، لا تكلم بالكاف والنون، ولا خلق لفظ كن فى الهواء أو فى شئ، وقد لا هواء ولا مخلوق، ومتعلق قل محذوف أى يوم يقول لشئ كن، فضمير يكون عائد إلى هذا الشئ المقدر. والمعنى هو الخالق للسماوات والأرض بالحق، وقوله الحق نافذ بسرعة فى كل ما توجهت إليه إرادة كونه، فإن قوله هو توجه إرادته إلى شئ حسبما قضى فى الأزل، وقيل يوم مفعول به معطوف على السماوات لا ظرف، أى خلق السماوات والأرض، ويوم يقول لما أراد كونه كن فيكون، أى خلق ذلك اليوم، أى خلق لوقوع الأشياء زماناً، ولعله أراد بيوم يقول يوم القيامة، ويجوز عطفه على هاء اتقوه، فيكون بمعنى القيامة وهو مفعول به، أى اتقوا الله واتقوا يوم يقول كن فيكون، أى اعملوا لذلك اليوم، ويجوز أن يكون ظرفاً يتعلق مما يتعلق به بالحق، أى خلق السماوات والأرض قائما بالحق يوم يقول فيكون قائماً حالا مقدراً، أو يقدر المفعول من أجله يتعلق به بالحق، ويتعلق به يوم على ما مر فإذا عطفت يوم على السماوات أو على الهاء، أو علقته بما تعلق به بالحق فالمقول يقل تم فى قوله فيكون وفاعل يكون عائد بمتعلق يقول، أى يقول لما أراد كونه كن فيكون، والذى أراد كونه هو حياة الموتى بالبعث، فيكون قوله مبتدأ والحق خبره، والجملة مستأنفة، وقوله فاعل يكون، أى ويوم يقول بقوله الحق كن فيكون قولهُ الحق.

السابقالتالي
2