الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ أَفَبِٱلْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ ٱللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ }

يذكر تعالى نعمه على عبيده بأن جعل لهم من أنفسهم أزواجاً من جنسهم وشكلهم، ولو جعل الأزواج من نوع آخر ما حصل الائتلاف والمودة والرحمة، ولكن من رحمته خلق من بني آدم ذكوراً وإناثاً، وجعل الإناث أزواجاً للذكور، ثم ذكر تعالى أنه جعل من الأزواج البنين والحفدة وهم أولاد البنين، عن ابن عباس: { بَنِينَ وَحَفَدَةً } هم الولد وولد الولد، وقال مجاهد: { بَنِينَ وَحَفَدَةً } ابنه وخادمه، وقال طاووس وغير واحد: الحفدة الخدم. وعن عكرمة أنه قال: الحفدة من خَدَمك من ولدك وولد ولدك، قال الضحّاك: إنما كانت العرب تخدمها بنوها. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: هم الأصهار، قال ابن جرير: وهذه الأقوال كلها داخلة في معنى الحفدة وهو الخدمة، ومنه قوله في القنوت: (وإليك نسعى ونحفد) ولما كانت الخدمة قد تكون من الأولاد والخدم والأصهار فالنعمة حاصلة بهذا كله، ولهذا قال: { وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً } ، قلت: فمن جعل { وَحَفَدَةً } متعلقاً بأزواجكم فلا بد أن يكون المراد الأولاد وأولاد الأولاد أو الأصهار، لأنهم أزواج البنات أو أولاد الزوجة، فإنهم يكونون غالباً تحت كنف الرجل وفي حجره وفي خدمته، وأما من جعل الحفدة الخدم فعنده أنه معطوف على قوله: { وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً } أي جعل لكم الأزواج والأولاد خدماء، وقوله: { وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ } أي من المطاعم والمشارب، ثم قال تعالى منكراً على من أشرك في عباده المنعم غيره: { أَفَبِٱلْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ }؟ وهم الأنداد والأصنام { وَبِنِعْمَتِ ٱللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ }؟ أي يسترون نعم الله عليهم ويضيفونها إلى غيره.