الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ ٱلأَنْفُسُ وَتَلَذُّ ٱلأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

{ يطاف عليهم } اى على العباد المؤمنين بعد دخولهم الجنة وبالفارسية بكردانند برسر ايشان. يدار بأيدى الغلمان والولدان والطائف الخادم ومن يدور حول البيوت حافظا والاطافة كالطوف والطواف كرد جيزى در آمدن يعنى بكشتن { بصحاف من ذهب } كاساتهن جمع صحفة كجفان جمع جفنة وهى القصعة العريضة الواسعة قال مجاهد اى اوانى مدورة الافواه قال السدى اى ليست لها اذان والمراد قصاع فيها طعام { واكواب } من ذهب فيها شراب وبالفارسية وكوزهاى بىدست وبى كوشه براز اصناف شراب. جمع كوب وهو كوز لا كوة له ولا خرطوم ليشرب الشارب من حيث شاء قال سعدى المفتى قللت الاكواب وكثرت الصحاف اى كما دل عليهما الصيغة لان المعهود قلة اوانى الشرب بالنسبة الى اوانى الاكل وعن ابن عباس رضى الله عنه يطاف بسبعين الف صحفة من ذهب فى كل صحفة سبعون ألف لون كل لون له طعم وهذا لأسفل درجة واما الاعلى فيؤتى بسبعمائة ألف صحفة كما فى عين المعانى { وفيها } اى فى الجنة { ما تشتهيه الانفس } من فنون الملاذ والمشتهيات النفسانية كالمطاعم والمشارب والمناكح والملابس والمراكب ونحو ذلك قال فى الاسئلة المقحمة اهل الجنة هل يعطيهم الله جميع ما يسألونه وتشتهى انفسهم ولو اشتهت نفوسهم شيئا من مناهى الشريعة كيف يكون حاله والجواب معنى الآية ان نعيم الجنة كله مما تشتهيه الانفس وليس فيها ما لا تشتهيه النفوس ولا تصل اليه وقد قيل يعصم الله اهل جنة من شهوة محال او منهى عنه. يقول الفقير دل هذا على انه ليس فى الجنة اللواطة المحرمة فى جميع الاديان والمذاهب ولو فى دبر امرأته فان الامام مالكا رحمه الله رجع عن تجويز اللواطة فى دبر امراته فليس فيها اشتهاء اللواطة لكونها مخالفة للحكمة الالهية وقد جوزها بعضهم فى شرح الاشباح وغلط فيه غلطا فاحشا وقد بيناه فى قصة لوط واما الخمر فليست كاللواطة لكونها حلالا على بعض الامم والحاصل انه ليس فى الجنة ما يخالف الحكمة كائنا ما كان ولذا تستتر فيها الازواج عن غير محارمهن وان كان لا حل ولا حرمة هناك { وتلذ الاعين } يقال لذذت الشئ بالكسر لذاذا ولذاذة اى وجدته لذيذا والمعنى تستلذه الاعين وتقر بمشاهدته قال سعدى المفتى هذا من باب تنزل الملائكة والروح تعظيما لنعيمها فان منه النظر الى وجهه الكريم انتهى فهذا النظر هو اللذة الكبرى قال جعفر شتان بين ما تشتهى الانفس وبين ما تلذ الاعين لان ما فى الجنة من النعيم والشهوات واللذات فى جنب ما تلذ الاعين كأصبع يغمس فى بحر لأن شهوات الجنة لها حد ونهاية لانها مخلوقة ولا تلذ الاعين فى الدار الباقية الا بالنظر الى الوجه الباقى الذى لا حد ولا نهاية له.

السابقالتالي
2 3