الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ ٱلْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي ٱلسَّعِيرِ }

{ وكذلك اوحينا اليك قرءآنا عربيا } ذلك اشارة الى مصدر اوحينا ومحل الكاف النصب على المصدرية وقرءآنا عربيا مفعول لأوحينا اى ومثل ذلك الايحاء البديع البين المفهم اوحينا اليك ايحاء لا لبس فيه عليك وعلى قومك وقال الكاشفى وهمجانكه وحى كرديم بهر بيغمبر بزبان قوم او ووحى كرديم بتو قرآنى بلغت عرب كه قوم تواند تاكه فهم حاصل شود { لتنذر أم القرى } اى لتخوف اهل مكة بعذاب الله على تقدير اصرارهم على الكفر والعرب تسمى اصل كل شىء بالام وسميت مكة ام القرى تشريفا لها واجلالا لاشتمالها على البيت المعظم ومقام ابرهيم ولما روى من أن الارض دحيت من تحتها فمحل القرى منها محل البنات من الامهات { ومن حولها } من العرب وهذا اى التبيين بالعرب لا ينافى عموم رسالته لأن تخصيص الشىء بالذكر لا ينافى حكم ما عداه وقيل من اهل الارض كلها وبذلك فسره البغوى فقال قرى الارض كلها وكذا القشيرى حيث قال العالم محدق بالكعبة ومكة لأنهما سرة الارض
بس همه اهالئ بلاد برحوالى ويند   
قال فى التأويلات النجمية يشير الى انذار نفسه الشريفة لانها ام قرى نفوس آدم واولاده لأنه صلى الله تعالى عليه وسلم هو الذى تعلقت القدرة بايجاده قبل كل شىء كما قال " اول ما خلق الله روحى ومنه تنشأ الارواح والنفوس " ولهذا المعنى قال " آدم ومن دونه تحت لوائى يوم القيامة " فالمعنى كما يوحى اليك والى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم لينذروا الامم كذلك اوحينا قرءآنا عربيا لتنذر نفسك الشريفة بالقرءآن العربى لأن نفسك عربية ومن حولها من نفوس اهل العالم لأنها محدقة بنفسك الشريفة ولذلك قال تعالىوما ارسلناك الا رحمة للعالمين } وقال عليه السلام " بعثت الى الخلق كافة "
مه طلعتى كه برقدقددرش بريده اند ديباى قم فانذر واستبرق دنا   
{ وتنذر } اهل مكة ومن حولها { يوم الجمع } اى بيوم القيامة وما فيه من العذاب لأنه يجمع فيه الخلائق من الاولين والاخرين واهل السموات واهل الارض والارواح والاشباح والاعمال والعمال فالباء محذوف من اليوم كما قال لتنذر بأسا شديدا اى ببأس شديد كما قاله ابو الليث فيكون مفعولا به لا ظرفا كما فى كشف الاسرار وقد سبق غير ذلك فى حم المؤمن عند قوله تعالىلتنذر يوم التلاق } { لا ريب فيه } اعتراض لا محل له اى لا بد من مجيىء ذلك اليوم وليس بمرتاب فيه فى نفسه وذاته لانه لا بد من جزآء العاملين من المنذرين والمنذرين واهل الجنة واهل النار وارتياب الكفار فيه لا يعتد به او لا شك فى الجمع انه كائن ولا بد من تحققه { فريق } وهم المؤمنون { فى الجنة وفريق } وهم الكافرون { فى السعير } اى النار سميت بهالالتها بها وذلك بعد جمعهم فى الموقف لأنهم يجمعون فيه اولا ثم يفرقون بعد الحساب والتقدير منهم فريق على أن فريق مبتدأ حذف خبره وجاز الابتدآء بالنكرة لأمرين تقديم خبرها وهو الجار والمجرور المحذوف ووصفها بقوله فى الجنة والضمير المجرور فى منهم للمجموعين لدلالة لفظ الجمع عليه فان المعنى يوم يجمع الخلائق فى موقف الحساب وفى التأويلات النجمية وتنذر يوم الجمع بين الارواح والاجساد لا شك فى كونه وكما أنهم اليوم فريقان فريق فى جنة القلوب وراحات الطاعات وحلاوات العبادات وتنعمات القربات وفريق فى سعير النفوس وظلمات المعاصى وعقوبات الشرك والجحود فكذلك غدا فريق هم اهل اللقاء فريق هم اهل الشقاء والبلاء وفى الحديث

السابقالتالي
2