الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا }

إن حملنا النفس على الجسد، فتسويتها تعديل أعضائها على ما يشهد به علم التشريح، وإن حملناها على القوة المدبرة، فتسويتها إعطاؤها القوى الكثيرة كالقوة السامعة والباصرة والمخيلة والمفكرة والمذكورة، على ما يشهد به علم النفس فإن قيل: لم نكرت النفس؟ قلنا: فيه وجهان أحدهما: أن يريد به نفساً خاصة من بين النفوس، وهي النفس القدسية النبوية، وذلك لأن كل كثرة، فلا بد فيها من واحد يكون هو الرئيس، فالمركبات جنس تحته أنواع ورئيسها الحيوان، والحيوان جنس تحته أنواع ورئيسها الإنسان، والإنسان أنواع وأصناف ورائيسها النبي. والأنبياء كانوا كثيرين، فلا بد وأن يكون هناك واحد يكون هو الرئيس المطلق، فقوله: { وَنَفْسٍ } إشارة إلى تلك النفس التي هي رئيسة لعالم المركبات رياسة بالذات الثاني: أن يريد كل نفس، ويكون المراد من التنكير التكثير على الوجه المذكور في قوله: { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ } وذلك لأن الحيوان أنواع لا يحصى عددها إلا الله على ما قال بعد ذكر بعض الحيوانات:وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ } [النحل:8] ولكل نوع نفس مخصوصة متميزة عن سائرها بالفضل المقوم لماهيته، والخواص اللازمة لذلك الفصل، فمن الذي يحيط عقله بالقليل من خواص نفس البق والبعوض، فضلاً عن التوغل في بحار أسرار الله سبحانه. أما قوله تعالى: