الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } * { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ } * { بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ }

يقول تعالى ذكره: لو نشاء جعلنا ذلك الزرع الذي زرعناه حُطاماً، يعني هشيماً لا يُنتفع به في مطعم وغذاء. وقوله: { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: فظلتم تتعجبون مما نزل بكم في زرعكم من المصيبة باحتراقه وهلاكه. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } قال: تعجبون. حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } قال: تعجبون. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } قال: تعجبون. وقال آخرون: معنى ذلك: فظلتم تلاومون بينكم في تفريطكم في طاعة ربكم جلّ ثناؤه، حتى نالكم بما نالكم من إهلاك زرعكم. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرِمة، في قوله: { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } يقول: تلاومون. قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن سماك بن حرب البكري، عن عكرِمة { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } قال: تلاومون. وقال آخرون: بل معنى ذلك: فظلتم تندمون على ما سلف منكم من معصية الله التي أوجب لكم عقوبته، حتى نالكم في زرعكم ما نالكم. ذكر من قال ذلك: حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثني ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن { فَظَلْتُمْ تَتَفكَّهُونَ } قال: تندمون. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } قال تندمون. وقال آخرون: بل معنى ذلك: فظلتم تعجبون. ذكر من قال ذلك: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } قال: تعجبون حين صنع بحرثكم ما صنع به، وقرأ قول الله عزّ وجلّ { إنَّا لَمُغْرَمُونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومونَ } وقرأ قول الله:وَإَذَا انْقَلَبُوا إلى أهْلِهِمْ انْقَلَبُوا فَكِهِين } قال: هؤلاء ناعمين، وقرأ قول الله جل ثناؤه:فأخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } إلى قوله:كانُوا فِيها فاكِهِينَ } وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معنى { فَظَلْتُم }: فأقمتم تعجبون مما نزل بزرعكم وأصله من التفكه بالحديث إذا حدّث الرجلُ الرجلَ بالحديث يعجب منه، ويلهى به، فكذلك ذلك. وكأن معنى الكلام: فأقمتم تتعجبون يُعَجِّب بعضكم بعضاً مما نزل بكم. وقوله: { إنَّا لَمُغْرَمُونَ } اختلف أهل التأويل في معناه، فقال بعضهم: إنا لموَلع بنا. ذكر من قال ذلك: حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: ثنا زيد بن الحباب، قال: أخبرني الحسين بن واقد، قال: ثني يزيد النحويّ، عن عكرِمة، في قول الله تعالى ذكره: { إنَّا لَمُغْرَمُونَ } قال: إنا لمولَع بنا.

السابقالتالي
2