الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً }

{ وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ } مبتدأ خبره في آخر السورة، كأنه قيل وعباد الرحمٰن الذين هذه صفاتهم أولئك يجزون الغرفة. ويجوز أن يكون خبره { ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ } وأضافهم إلى الرحمٰن تخصيصاً وتفضيلاً. وقرىء «وعباد الرحمٰن» وقرىء «يمشون» { هَوْناً } حال، أو صفة للمشي، بمعنى هينين. أو مشياً هيناً إلا أنّ في وضع المصدر موضع الصفة مبالغة. والهون الرفق واللين. ومنه الحديث 778 " أحبب حبيبك هوناً مّا " وقوله 879 " المؤمنون هينون لينون " والمثل إذا عزّ أخوك فهن. ومعناه إذا عاسر فياسر. والمعنى أنهم يمشون بسكينة ووقار وتواضع، لا يضربون بأقدامهم ولا يخفقون بنعالهم أشراً وبطراً، ولذلك كره بعض العلماء الركوب في الأسواق، ولقولهوَيَمْشُونَ فِى ٱلاْسْوَاقِ } الفرقان 20. { سَلاَماً } تسلماً منكم لانجاهلكم، ومتاركة لا خير بيننا ولا شرّ، أي نتسلم منكم تسلماً، فأقيم السلام مقام التسلم. وقيل قالوا سداداً من القول يسلمون فيه من الإيذاء، والإثم. والمراد بالجهل السفه وقلة الأدب وسوء الرعة، من قوله
أَلاَ يَجْهَلنْ أَحَدٌ عَلَيْنَا فَنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْلِ الْجَاهِلِينَا   
وعن أبي العالية نسختها آية القتال، ولا حاجة إلى ذلك، لأنّ الإغضاء عن السفهاء وترك المقابلة مستحسن في الأدب والمروءة والشريعة، وأسلم للعرض والورع.