الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا ٱلْبِحَارُ سُجِّرَتْ }

{ واذا البحار سجرت } اى أحميت او ملئت بتفجير بعضها الى بعض حتى تعود بحرا واحدا مختلطا عذبها بملحها وبالعكس فتعم الارض كلها من سجر التنور اذا ملأه بالخطب ليحميه وجه الاحماء ان جهنم فى قعور البحار الا انها الآن مطبقة لا يصل أثر حرارتها الى ما فوقها من البحار ليتيسر انتفاع أهل الارض بها فاذا انتهت مدة الدنيا يرفع الحجاب فيصل تأثير تلك النيران الى البحار فتسخن فتصير حميما لأهل النار او تبعث عليها ريح الدبور فتنفخها وتضربها فتصير نارا على ما قاله ابن عباس رضى الله عنهما فى وجه الاحماء. در فتوحات مذكور است كه هركاه كه عبد الله بن عمر رضى الله عنهما دريارا بديدى كفتى يا بحر متى تعود نارا ووجه الامتلاء ان الجبال تندك وتفرق اجزآؤها وتصير كالتراب الهائل الغير المتماسك فلا جرم تنصب اجزآؤها فى أسافلها فتمتلئ المواضع الغائرة من الارض فيصير وجه الارض مستويا مع البحار فتصير البحار بحرا واحدا مسجورا اى ممتلئا وقال بعضهم ملئت بارسال عذبها على مالحها ثم أسيلت حتى بلغت الثور فابتعلها فلما بلغت الى جوفه نفدت وعن الحسن رحمه الله يذهب ماؤها حتى لا يبقى فيها قطرة قال الراغب وانما يكون كذلك لتجسير النار فيها اى اضرامها والتشديد فى مثل هذه الافعال قد يكون لتكثير الفعل وتكريره والتخفيف يحتمل القليل والكثير وخصت هذه السورة بسجرت موافقة لقوله سعرت لان معنى سجرت عند اكثر المفسرين اوقدت فصارت نارا فيقع التوعد بتسعير النار وتسجير البحار وخصت سورة الانفطار بفجرت موافقة لتقوله واذا الكواكب انتثرت لان فى كل من تساقط الكواكب وسيلان المياه على وجه الارض وبعثرة القبور اى قلب ترابها مزايلة الشئ عن مكانه فلا فى كل واحد قرينه وفيه اشارة الى بحار المعرفة الذاتية والحكم الصفاتية والعلوم الاسمائية فانها اذا اتحدت بالتجلى الواحدانى تصير بحرا واحدا وهو بحر الذات المشتمل على جميع المراتب والى البحار الحاصلة من اعتبارات الوجود وشؤونه الكلية ظاهرا او باطنا غيبا وشهادة دنيا وآخرة فانها قد جمعت واتحدت فصار بحر الوجود بحرا واحدا زخارا لا ساحل له ولا قعر والى بحار العناصر بأنه فجر بعضها الى بعض واتصل كل جزء بأصله فصارت بحرا واحدا.