الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ٱسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلاَمَ ٱللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ }

قوله تعالى: { وَإِنْ أَحَدٌ }: كقوله:إِن ٱمْرُؤٌ هَلَكَ } [النساء: 176] في كونِه من باب الاشتغال/ عند الجمهور.

قوله: { حَتَّىٰ يَسْمَعَ } " حتى " يجوز أن تكونَ هنا للغاية، وأن تكونَ للتعليل، وعلى كلا التقديرين يتعلَّقُ بقوله: " فَأَجِرْهُ " ، وهل يجوز أن تكونَ هذه المسألةُ من باب التنازع أم لا؟ وفيه غموضٌ، وذلك أنه يجوزُ من حيث المعنى أن تُعَلَّق " حتى " بقوله: " استجارك " أو بقوله: " فَأَجِرْهُ " إذ يجوز تقديرُه: وإن استجارك أحدٌ حتى يسمعَ كلام الله فَأَجِرْهُ حتى يسمع كلام الله. والجوابُ أنه لا يجوزُ عند الجمهور لأمرٍ لفظي ـ من جهة الصناعة ـ لا معنوي، فإنَّا لو جعلناه من التنازع، وأَعْمَلْنا الأول مثلاً لاحتاج الثاني إليه مضمراً على ما تقرر، وحينئذٍ يلزم أنَّ " حتى " تجرُّ المضمر، و " حتى " لا تجرُّه إلا في ضرورة شعر كقوله:
2453 ـ فلا واللَّهِ لا يَلْقَى أُناسٌ   فتى حَتَّاك يا ابنَ أبي يزيدِ
وأمَّا عند مَنْ يُجيز أن تجرَّ المضمر فلا يمتنع ذلك عنده، ويكون من إعمال الثاني لحذفِه، ويكون كقولك: " فرحت ومررت بزيد " أي: فرحت به، ولو كان من إعمال الأول لم تَحْذِفْه من الثاني.

وقوله: { كَلاَمَ ٱللَّهِ } من باب إضافة الصفة لموصوفها لا من باب إضافةِ المخلوق للخالق. و " مَأْمَنَه " يجوز أن يكون مكاناً أي مكان أَمْنِه، وأن يكونَ مصدراً أي: ثمَّ أَبْلِغْه أَمْنَه.