قوله: { وَلاَ ٱلْمُسِيۤءُ }: " لا " زائدةٌ للتوكيدِ لأنه لَمَّا طالَ الكلامُ بالصلة بَعُدَ قَسِيْمُ المؤمنين، فأعاد معه " لا " توكيداً. وإنما قَدَّم المؤمنين لمجاوَرَتهم/ قولَه: " والبصير " ، واعلَمْ أنَّ التقابلَ يجيْءُ على ثلاثِ طرقٍ، أحدُها: أَنْ يجاوِرَ المناسبُ ما يناسِبُه كهذه الآيةِ. والثانية: أَنْ يتأخَّرَ المتقابِلان كقولِه تعالى:{ مَثَلُ ٱلْفَرِيقَيْنِ كَٱلأَعْمَىٰ وَٱلأَصَمِّ وَٱلْبَصِيرِ وَٱلسَّمِيعِ } [هود: 24]. والثالثة: أن يُقَدِّمَ مقابلَ الأولِ، ويُؤَخِّرَ مقابلَ الآخر، كقولِه تعالى:{ وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ وَلاَ ٱلظُّلُمَاتُ وَلاَ ٱلنُّورُ } [فاطر: 19] وكلُّ ذلك تَفَنُّنٌ في البلاغة. وقَدَّم الأعمى في نَفْيِ التساوي لمجيئِه بعد صفةِ الذم في قولِه { وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }.
قوله: " تَتَذَكَّرون " قرأ الكوفيون بتاء الخطاب، والباقون بياءِ الغَيْبة. فالخطابُ على الالتفاتِ للمذكورَيْن بعد الإِخبار عنهم، والغيبةُ نظراً لقولِه: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ } وهم الذين التفتَ إليهم في قراءةِ الخطاب.