الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ بَعَثْنَٰكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

{ ثم بعثناكم } اى احييناكم { من بعد موتكم } بتلك الصاعقة وقيد البعث بقوله من بعد موتكم مع انه يكون بعد الموت لما انه قد يكون من الاغماء او من النوم * قال قتادة احياهم ليستوفوا بقية آجالهم وارزاقهم وكان ذلك الموت بلا اجل وكانت تلك الموتة لهم كالسكتة لغيرهم قبل انقضاء آجالهم ولو ماتوا بآجالهم لم يبعثوا الى يوم القيامة. فان قلت كيف يجوز ان يكلفهم وقد أماتهم ولو جاز ذلك فلم لا يجوز ان يكلف اهل الآخرة اذا بعثوا بعد الموت قلنا الذى يمنع من تكليفهم فى الآخرة هو الاماتة ثم الاحياء وانما يمنع من ذلك لانه قد اضطرهم يوم القيامة الى معرفته والى معرفة ما فى الجنة من اللذات وما فى النار من الآلام وبعد العلم الضرورى لا تكليف فاذا كان المانع هو هذا لم يمتنع فى هؤلاء الذين اماتهم الله بالصعقة ان لا يكون قد اضطرهم واذا كان كذلك صح ان يكلفوا من بعد ويكون موتهم ثم الاحياء بمنزلة النوم او بمنزلة الاغماء { لعلكم تشكرون } نعمة الحياة بالتوحيد والطاعة او لعلكم تشكرون وقت مشاهدتكم بأس الله بالصاعقة نعمة الايمان التى كفرتموها بقولكم لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فان ترك النعمة لاجل طلب الزيادة كفران لها اى لعلكم تشكرون نعمة الايمان فلا تعودون الى اقتراح شىء بعد ظهور المعجزة. واصل القصة ان موسى عليه السلام لما رجع من الطور الى قومه فرأى ما هم عليه من عبادة العجل وقال لاخيه والسامرى ما قال وأحرق العجل والقاه فى البحر وندم القوم على ما فعلوا وقالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين امر الله موسى ان يأتيه فى ناس من بنى اسرائيل يعتذرون اليه من عبادة العجل فاختار موسى سبعين من قومه من خيارهم فلما خرجوا الى الطور قالوا لموسى سل ربنا حتى يسمعنا كلامه فسأل موسى عليه السلام ذلك فاجابه الله ولما دنا من الجبل وقع عليه عمود من الغمام وتغشى الجبل كله ودنا من موسى ذلك الغمام حتى دخل فيه وقال للقوم ادخلوا فكلم الله موسى يأمره وينهاه وكلما كلمه الله تعالى اوقع على جبهته نورا ساطعا لا يستطيع احد من السبعين النظر اليه وسمعوا كلامه تعالى مع موسى افعل لا تفعل فعند ذلك طمعوا فى الرؤية وقالوا ما قالوا فاخذتهم الصاعقة فخروا صعقين ميتين يوما وليلة فلما ماتوا جميعا جعل موسى يبكى ويتضرع رافعا يديه الى السماء يدعو ويقول يا آلهى اخترت من بنى اسرائيل سبعين رجلا ليكونوا شهودى بقبول توبتهم وماذا اقول لهم اذا اتيتهم وقد اهلكت خيارهم لو شئت اهلكتهم قبل هذا اليوم مع اصحاب العجل أتهلكنا بما فعل السفهاء منا فلم يزل يناشد ربه حتى احياهم الله ورد اليهم ارواحهم وطلب توبة بنى اسرائيل من عبادة العجل فقال لا الا ان يقتلوا انفسهم قالوا ان موسى عليه السلام سأل الرؤية فى المرة الاولى فى الطور ولم يمت لان صعقته لم تكن موتا ولكن غشية بدليل قوله تعالى

السابقالتالي
2