الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يُغْشِي ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ }

قوله: { إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَمَٰوَٰتِ [وَٱلأَرْضَ] } ، الآية.

احتج من خفف { يُغْشِي } ، بقوله:فَأغْشَيْنَاهُمْ } [يس: 9].

واحتج من شدد بقوله:فَغَشَّاهَا مَا غَشَّىٰ } [النجم: 54]، وبأن التشديد يوجب التكرير، وكذلك هو فعل يتكرر ويتردد، وذلك أن كل يوم دخل ليله غير ليل اليوم الآخر، فالتغشية مكررة لمجيئها يوماً بعد يوم، وليلة بعد ليلة.

وقوله: { حَثِيثاً }. أي: طلباً حثيثاً.

والمعنى: إن سيدكم ومصلح أموركم، هو { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } ، وذلك يوم الأحد، والاثنين، والثلاثاء، والأربعاء، والخميس، والجمعة.

قال مجاهد: بدأ بخلق العرش والماء والهواء، وخلقت الأرض من الماء، وكان جمع الخلق يوم الجمعة، فلذلك سميت الجمعة.

وقوله: { يُغْشِي ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ }.

أي: يورد الليل على النهار فيلبسه إياه، حتى يذهب بضوئه، يطلبه طلباً { حَثِيثاً } ، أي: سريعاً حتى يدركه.

{ أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ }.

{ ٱلْخَلْقُ }: المخلوق.

{ وَٱلأَمْرُ } هو: كلامه الذي به تكون المخلوقات، فهو غير مخلوق، وصفة من صفاته، كعلمه وقدرته، لا يشبه كلام المخلوقين، ولا يقدر فيه صوت ولا حروف؛ إنما هو كلام له صفة ذاته، فكما أنه تعالى لا شيء يشبهه، كذلك صفاته لا تشبهها صفة.

وقال ابن عباس: الدنيا جمعة من جمع الآخرة، سبعة آلاف سنة.

وقال كعب: الدنيا ستة آلاف سنة.

[وكذلك] قال وهب.

[و] قال النبي، صلى الله عليه وسلم،: " أجلكم في أجل من كان قبلكم من صلاة العصر إلى مغرب الشمس ".

وقال صلى الله عليه (وسلم) يوماً عند غروب الشمس: " (إن) مثل ما بقي من دنياكم في ما مضى، كهيئة يومكم هذا في مضى منه ".

وقال: " بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار بأصبعيه: السبابة والوسطى ".

قال ابن عباس: " سألت اليهود النبي (عليه السلام) عن خلق السموات والأرض فقال: " خلق الله الأرض يوم الأحد والاثنين، وخلق الجبال يوم الثلاثاء ومنافعها، / وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء والمدائن والعمران والخراب، فهذه أربعة أيام، وهو قوله: { قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ } ، ثم قال: { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا فِيۤ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ }. قال: وخلق يوم الخميس السماء، وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر إلى ثلاثة ساعات منه. وخلق في أول ساعة من هذه الثلاث ساعات من حَيِي ومن يموت، وفي الثانية ألقى الآفة على كل شيء مما ينتفع به الناس، وفي الثالثة منه خلق آدم (عليه السلام). وأسكنه الجنة، وأمر إبليس بالسجود له، وأخرجه منها آخر ساعة " ، ثم قالت اليهود: ثم ماذا يا محمد؟ قال: " ثم استوى على العرش " قالوا: قد أصبت لو أتممت، قالوا: ثم استراح، فغضب النبي، صلى الله عليه وسلم، غضباً شديداً، فنزل: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ } ".


السابقالتالي
2