الرئيسية - التفاسير


* تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ }

هذا كالتذييل لقولهوكل شيء فعلوه في الزبر } القمر 52 فكل صغير وكبير أعمّ من كل شيء فعلوه، والمعنى وكل شيء حقير أو عظيم مستطر، أي مكتوب مسطور، أي في علم الله تعالى أي كل ذلك يعلمه الله ويحاسب عليه، فمستطر اسم مفعول من سطر إذا كتب سطوراً قال تعالىوكتاب مسطور } الطور 2. وهذا كقوله تعالىوما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين } الأنعام 59 وقولهلا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغرُ من ذلك ولا أكبرُ إلا في كتاب مبين } سبأ 3. فالصغير مستعار للشيء الذي لا شأن له ولا يَهتم به الناس ولا يؤاخذ عليه فاعله، أو لا يؤاخذ عليه مؤاخذة عظيمة. والكبير مستعار لضده ويدخل في ذلك ما له شأن من الصلاح ومَا له شأن من الفساد وما هو دون ذلك، وذلك أفضل الأعمال الصالحة وما دونه من الأعمال الصالحة، وكذلك كبائر الإِثم والفواحش وما دونها من اللمم والصغائر. والمستطر كناية عن علم الله به وذلك كناية عن الجزاء عليه مكان ذلك جامعاً للتبشير والإِنذار.