الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ كَذَلِكَ مَآ أَتَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ قَالُواْ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ }

قوله: { كَذَلِكَ }: فيه وجهان، أظهرُهما: أنه خبرُ مبتدأ محذوفٍ أي: الأمرُ مثلُ ذلك. والإِشارةُ بـ " ذلك " قال الزمخشريُّ: " إلى تكذيبهِم الرسولَ وتسميتِه ساحراً ومجنوناً " ثم فَسَّر ما أَجْمل بقولِه: " ما أَتى ". والثاني: أن الكاف في محلِّ نصبٍ نعتاً لمصدر محذوف، قاله مكي، ولم يُبَيِّنْ تقديرَه/ ولا يَصِحُّ أَنْ ينتصِبَ بما بعده لأجل " ما " النافية. وأمَّا المعنى فلا يمتنعُ، ولذلك قال الزمخشري: " ولا يَصِحُّ أن تكون الكافُ منصوبةً بـ " أتى " لأنَّ " ما " النافيةَ لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، ولو قيل: لم يأتِ لكان صحيحاً " يعني لو أتى في موضع " ما " بـ " لم " لجازَ أن تنتصِبَ الكافُ بـ " أتى " لأن المعنى يَسُوغ عليه. والتقدير: كَذَّبَتْ قريشٌ تكذيباً مثلَ تكذيب الأمم السابقة رسلَهم. ويَدُلُّ عليه قولُه: { مَآ أَتَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } الآية.

قوله: { إِلاَّ قَالُواْ } الجملةُ القوليةُ في محلِّ نصب على الحال من { ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } ، و " من رسولٍ " فاعلُ " أتى " كأنه قيل: ما أتى الأوَّلين رسولٌ إلاَّ في حالِ قولهم: هو ساحرٌ. والضميرُ في " به " يعودُ على القولِ المدلولِ عليه بـ " قالوا " أي: أتواصَى الأوَّلُوْن والآخرِون بهذا القولِ المتضمِّنِ لساحرٍ أو مجنونٍ، والاستفهامُ للتعجب.