الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ }

قوله: { أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ }: قرأ الكوفيون بالفتح. والباقون بالكسر. فالفتح من أوجهٍ، أحدُها: أَنْ يكونَ على حَذْفِ حرفِ الجرِّ؛ أي: لأَنَّا دَمَّرْناهم. و " كان " تامةٌ و " عاقبةٌ " فاعلٌ بها، و " كيفِ " حالٌ. الثاني: أَنْ يكونَ بدلاً من " عاقبة " أي: كيف كان تدميرُنا إيَّاهم بمعنى: كيف حَدَثَ. الثالث: أَنْ يكونَ خبرَ مبتدأ محذوفٍ أي: هي أنَّا دَمَّرْناهم أي: العاقبةُ تدميرُنا إياهم. ويجوزُ مع هذه الأوجهِ الثلاثةِ أَنْ تكونَ " كان " ناقصةً، وتُجْعَلَ " كيف " خبرَها، فتصيرَ الأوجهُ ستةً: ثلاثةً مع تمام " كان " وثلاثةً مع نُقْصانها. ويُزاد مع الناقصة وجهٌ أخر: وهو أَنْ تُجْعَلَ " عاقبة " اسمَها و " أنَّا دَمْرناهم " خبرَها و " كيف " حالٌ. فهذه سبعةُ أوجهٍ.

والثامن: أَنْ تكونَ " كان " " زائدةً، و " عاقبة " مبتدأٌ، وخبرُه " كيف " و " أنَّا دَمَّرْناهم " بدلٌ مِنْ " عاقبة " أو خبرُ مبتدأ مضمرٍ. وفيه تَعَسُّفٌ. التاسع: أنها على حَذْفِ الجارِّ أيضاً، إلاَّ أنه الباءُ أي: بأنَّا دمَّرْناهم، ذكره أبو البقاء. وليس بالقويِّ. العاشر: أنها بدل مِنْ " كيف " وهذا وَهْمٌ من قائِله لأنَّ المبدل من اسمِ الاستفهام يَلْزَمُ معه إعادةُ حرفِ الاستفهامِ نحو: " كم مالكُ أعشرون أم ثلاثون "؟ وقال مكي: " ويجوز في الكلام نصبُ " عاقبة " ، ويُجْعَلُ " أنَّا دمَّرْناهم " اسمَ كان " انتهى. بل كان هذا هو الأرجحَ، كما كان النصبُ في قولِه " فما كان جوابَ قومه إلاَّ أَنْ قالوا " ونحوِه أرجحَ لِما تقدَّم مِنْ شَبَهِهِ بالمضمرِ لتأويلِه بالمصدرِ، وقد تقدَّم تحقيقُ هذا.

وقرأ أُبَيٌّ " أَنْ دَمَّرْناهم " وهي أَنْ المصدريةُ التي يجوزُ أَنْ تَنْصِبَ المضارعَ، والكلامُ فيها كالكلامِ على " أنَّا دَمَّرْناهم ". وأمَّا قراءةُ الباقين فعلىٰ الاستئنافِ، وهو تفسيرٌ للعاقبةِ. و " كان " يجوز فيها التمامُ والنقصانُ والزيادةُ. وكيف وما في حَيِّزها في محلِّ نصب على إسقاطِ الخافض، لأنه مُعَلِّق للنظرِ.

و " أَجْمعين " تأكيدٌ للمعطوفِ والمعطوفِ معاً.