الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تَكُن كَصَاحِبِ ٱلْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ } * { لَّوْلاَ أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِٱلْعَرَآءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ } * { فَٱجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ }

{ فَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ } وهو إمهالهم، وتأخير ظهورك عليهم. أي: لا يثنيك، عن تبليغ ما أمرت به أذاهم وتكذيبهم، بل امض صابراً عليه { وَلاَ تَكُن كَصَاحِبِ ٱلْحُوتِ } يعني: يونس عليه السلام { إِذْ نَادَىٰ } أي: دعا ربه في بطن الحوت { وَهُوَ مَكْظُومٌ } أي: مملوء غيظاً وغماً. والمعنى: لا يوجد منك ما وجد منه من الضجر والونَى عن التبليغ، فتبتلى ببلائه { لَّوْلاَ أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ } وهو قبول توبته ورحمته، تضرعه وابتهاله { لَنُبِذَ بِٱلْعَرَآءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ } قال الزمخشري: يعني: أن حاله كانت على خلاف الذم حين نبذ بالعراء، ولولا توبته لكانت حاله على الذم. والعراء: الفضاء من الأرض.

{ فَٱجْتَبَاهُ رَبُّهُ } أي: برحمته. قال القاشاني: لمكان سلامة فطرته، وبقاء نور استعداده، وعدم رسوخ الهيأة الغضبية، والتوبة عن فرطات النفس، فقربه تعالى إليه { فَجَعَلَهُ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ } أي: لمقام النبوة والرسالة.